دام برس :

أول موجة تهجير وإبعاد قصري للفلسطينيين من أرضهم كانت في ذاك العام الاسود الذي حفر عميقا في تجاعيد من عاصروه، مع نظره شاردة تحكي لك ذاك الوجع بلهجة فلسطينيه يبدأها بتنهيده.
هجرة اللاجئين الفلسطينيين إلى سورية لم تقتصر على موجات النزوح في سنة 1948 فقط، وإنما استمرت طوال السنوات اللاحقة بفعل الأحداث السياسية المتلاحقة نتيجة ظروف سياسية واجتماعية واقتصادية، مرتبطة بما يتعرض له الشتات الفلسطيني من أزمات وتهجير ثانوي.
وفي هذا التاريخ من كل عام، يؤكد فلسطيني الشتات عزمهم على العودة الى وطنهم المغتصب مهما كان الثمن... كانوا يحضرون لمسيرات العوده التي تسافر بأحلامهم نحو الحدود والخط العازل ورائحة الزيتون وبيارات الليمون من خلف السياج.. كانوا يحضرون لها من مخيماتهم، أخص بالذكر هنا مخيم اليرموك في دمشق.
... اما عن مخيم اليرموك في دمشق، وجع آخر ينبض في الروح هنا ، فقبل تلك الازمة الخانقه التي تشهدها سورية،كان يضج بالحياة، فهناك في مخيم اليرموك ووسط الزحمة الخانقة، وبينما ليس من حل امامك وانت تشق هذه الزحمة الا ان تستوقفك احلام "العودة" معلقه على جدران المخيم، «سنعود يا فلسطين»، «فلسطين حرة عربية»، كلها كلمات تصادفها، خريطة لفلسطين هنا وصور لشهداء المقاومة هناك، كان يجد الزائر جواباً واضحاً عن تساؤلات مثل: "هل من الممكن ان ينسى الفلسطينيون أرضهم"؟
لكن رموز الملحمة المرسومة على الحيطان كانت بألف جواب، مما لاشك فيه ان الفلسطيني في سورية لم يشعر يوما في الغربه ولعله حصل على حقوق كالسوري تماما.
مخيم اليرموك اليوم منطقه مدمرة منكوبة تبكي اهلها الذين هجروا منها اكراها بعد ان دخل عليهم المسلحون في مشهد ذكرهم بعام 48 كما اخبرني كل من التقيتهم لاجراء لقاءات معهم، المفارقه كانت عندما قالوا لي اننا اليوم نؤكد على حق العوده الى مخيم اليرموك، لننطلق منه الى فلسطين، نعم هم لم يخطؤوا البوصلة.
وبين نكبه الـ48 وما اسماه الفلسطينيون بالنكبة الثانيه... يبقى الفلسطيني يهجر حاملا مفتاح بيته العتيق وأحلام العودة... الجرح لايزال ينزف والعدو واحد بأوجه ولغة مختلفة.