دام برس - خاص :

بتاريخ الخامس من نيسان الفائت نشرت شركة "ناشيونال غرافيك" في الولايات المتحدة الأمريكية مقطعاً ترويجياً  لفلمها "جحيم على الأرض - سقوط سورية وصعود داعش" من إخراج سيبستيان يونغر، وشراكة في الإنتاج لنيك كويستيد، وعرض الفلم لأول مرة بتاريخ 26 نيسان في مهرجان تريبيكا السينمائي في نيويورك، ونشر بتاريخ 11 حزيران على قناة "ناشيونال غرافيك". وقد أقنَع كل من يونغر وكويستد الشركة بنشر "التريلر" الخاص بالفلم مبكراً بعد الضجيج الذي رافق وتلا حادثة الكيميائي المزعومة في خان شيخون في الرابع من نيسان الفائت.

"دام برس" تابعت الفلم وكل ما رفق الحملة الدعائية التي أحاطت به وسبقت عرضه، إضافة إلى الرسائل السياسية والدعائية الكثيرة التي ضُمّنت فيه، وتسجلّ النقاط التالية التي تشكل فضيحة بكل معنى الكلمة، بعيداً عن الخوض في تفنيد باقي الأكاذيب التي وردت على ألسنة من ظهروا في الفلم وكلهم معروفون أصلاً بمواقفهم العدائية لسورية.

أولاً - قام معدو الفلم باستهلال المقطع الدعائي (التريلر) بمشهد لقصف صاروخ من الجو لبناية سكنية كتب عليه (سورية - حلب) مع صوت انفجار مدوٍ، ليتبع المشهد بحركة مثيرة وموسيقى تصويرية وأصوات صاخبة وكاميرا مرتجّة تصور جماعة القبعات البيضاء التي سخّر لها - كما هو معروف - حملة دعائية كبيرة في الإعلام الغربي، ونال فلم من إعداد "نت فليكس" جائزة أوسكار السينمائية، تعويضاً لها عن جائزة نوبل التي كانت رشحت لها. وقد سبق لـ"دام برس" أن فضحت هوية تلك المنظمة التي تعمل كفرقة لإنقاذ عناصر تنظيم "جبهة النصرة"، والتنظيمات التي تدور في فلكها (كتنظيم جند الأقصى وغيره) في عدة مقالات، وأيضاً في لقاء مع الصحفية الاستقصائية البريطانية فانيسا بيلي المختصة في تفنيد تلك القطعة من الدعاية الغربية والتي كتبت الكثير من المقالات الموثَّقة في هذا الشأن، وكانت زارت المركز الدولي ودام برس، وأجرت لقاء صحفياً تضمن الكثير من الحقائق حول هوية القبعات البيضاء.

وبالعودة إلى الفضيحة التي تضمنها المقطع لاتهام الطيران السوري والروسي باستهداف المدنيين فإنه يتضح جلياً بعد التدقيق أن المشهد المستخدم هو من قصف لقوات الاحتلال الإسرائيلي لأحد المنازل في غزة، وقد كانت قوات الاحتلال الإسرائيلي تعتمد أسلوب إنذار سكان البيوت قبل 15 دقيقة من قصفه ما يسمح لأحد الجيران بتركيز الكاميرا كما هو واضح في المشهد الذي استخدمته "ناشينوال غرافيك" في فيلمها الترويجي، والفيديو منشور بتاريخ 9 آب 2014 على موقع يوتيوب. وهنا مثال آخر على الانتهاكات الإسرائيلية المشابهة.

وتبعاً لصناع الفلم فإن المقطع الترويجي (التريلر) الذي تضمن تلك المشاهد الزائفة هو جزء من الفلم، ما يعنى أن هذا المشهد كان من المفترض أن يعرض في الفلم في 26 نيسان أو بعدها. لكن يبدو أن أحداً ما نبّه صنّاع الفلم للأمر فاستبدلوه بمقطع آخر، دون أن يشيروا إلى ذلك بأي حال من الأحوال، ودون أن يزيلوا "التريلر" من التداول. وقد تنبّه الكاتب الغربي باول لارودي إلى تلك المسألة وعلّق: "من السهل أن يعزو أحد ما الأمر إلى أنه خطأ في لقطة، لكنَّ من اختار اللقطة في "التريلر" اختارها لتأثيرها وليس لدقتها ..  وكان موضوع إزالتها بهدوء وصمت من الفلم مناورة وتغطية خبيثة أكثر منه تصحيحاً.

ثانياً - يطول كثيراً الحديث عن مضمون الفلم وضيوفه وعن أطنان الكذب والدعاية التي ينضح بها في كل ثنية من ثناياه. ويكفي أن يمرّ المرء على طيف الأشخاص والساسة الذين يستصرحهم الفلم ليعرف عن أي نوع من الأفلام المسيّسة هو الحديث. لكن من أكبر المفارقات المثيرة، ومن نكد الدهر ربما أن يتحدث الفلم و"أبطاله" عن صعود "داعش" ويكيلوا الكذب والاتهامات على الحكومة السورية بأنَّ "داعش صنيعة النظام" وعلى لسان من؟ على لسان من قالوا في "داعش" ما لم يقله مالك في الخمرة، و لا قيس في ليلى، وكانوا يصفونهم بأنهم إخوتنا في "الدولة الإسلامية" وقاتلوا تحت إمرة "أمرائها" في مطار منغ العسكري وغيره، والحديث هنا عن العقيد الفار الإرهابي عبد الجبار العكيدي أحد الذين يظهرون في الفلم ليتحدثوا عن "داعش" كـ"صنيعة للدولة السورية". وفيما يلي مشهد للعكيدي وهو يقف إلى جوار القيادي في تنظيم "داعش" الإرهابي أبو جندل المصري بعد استيلاء التنظيم الإرهابي على مطار منغ (الصورة). وجدير بالذكر أن الإرهابي العكيدي القيادي في تنظيم "الجيش الحر" الإرهابي المصنّف بــ"المعتدل" أمريكياً كان وصف في لقاء مع قناة "أورينت" الداعمة للتنظيمات الإرهابية عناصر تنظيم "داعش" بأنهم "إخوتنا في الثورة" قبل لقائه السفير الأمريكي روبرت فورد على الحدود التركية .. أياماً بعد التصريح.

مضر ابراهيم