Logo Dampress

آخر تحديث : الجمعة 19 نيسان 2024   الساعة 00:10:04
دام برس : http://alsham-univ.sy/
دام برس : http://www.
بين الحملة في حلب وعدوان دير الزور : هذا هو الرد القادم

دام برس :

زياد حيدر
شكّل العدوان العسكري الذي قامت به قوات «التحالف الدولي» بقيادة القوات الأميركية على نقطة الجيش السوري العسكرية في دير الزور، عتبة الألم والتردّد الكبرى، بالنسبة لكل من دمشق وموسكو.
وراح ضحية العدوان أكثر من 60 مقاتلاً من الجيش السوري (وفي بعض التصريحات مئة)، مع حديث عن عشرات الجرحى، ناهيك عن الشهداء في عملية استرداد النقاط التي خسرها الجيش أمام تقدم تنظيم «داعش» كنتيجة لعدوان التحالف.
وفيما تسلمت وزارتا الدفاع والخارجية الروسيتان زمام المبادرة في الاعلان والتعقيب والتوعد إثر الهجوم المباغت، فاستخدمت دمشق العدوان لتقوية حجتها أمام موسكو، بأن «وراء كل هدنة طعنة من هذا النوع»، وذلك من دون الاشارة إلى ما تعنيه الضربة الاميركية من إهانة أيضاً للمفاوضين الروس، وعلى رأسهم وزير الخارجية سيرغي لافروف بعد أسابيع من الأخذ والرد مع نظيره الأميركي جون كيري قبل الشروع بتطبيق الاتفاق.
أزمة الثقة، الموجودة أصلاً، كان يجب أن تكبر، وأن تتدحرج كل الشكوك السابقة في وجه الحليفين، خصوصاً أن القيادة السورية غالباً ما توافق على مضض على الهدن التي يفرضها الروس، وتقود عادة إلى تراجع في خطوط النار التي رسمها الجيش بالدم.
هذه المرة، أصبح الأمر مختلفاً. روسيا وأميركا تتبادلان التهديدات بـ «بأكياس الجثث» و «تحديد أماكن الخبراء»، وهي سابقة في تعاطي الطرفين مع بعضهما، وإن تبدو تصعيداً لفظياً، حتى اللحظة.
بعد العدوان الأميركي في دير الزور، وقصف قافلة المساعدات في ريف حلب، باعتبارهما خرقين عظيمين في سياق الهدنة والاتفاق بين موسكو وواشنطن، تبينت الحاجة لدى الطرف الأول، بالعودة إلى غرفة العمليات المشتركة السورية - الإيرانية - الروسية.
يعرف الروس أن حلب قضية كبرى للأطراف جميعاً، وأنها بخلاف مدن أخرى كإدلب والرقة، تحمل رمزية كبرى في الصراع، إضافة للعوامل الاقتصادية والاستراتيجية أيضاً. من جهتها، وبسبب قناعة دمشق بصعوبة تحقيق انتصار ساحق في حلب، تبنت سياسة الانتظار، حتى نُضْجِ ظروفٍ تسمح بالوصول لخرق في استعصاء حلب الميداني والسياسي، ليأتي عدوان التحالف على دير الزور، فيقلب الطاولة، أولاً على الروس، وثانياً على اتفاقهم مع الأميركيين.
سبق لقادة دمشق أن عضّوا على شفاههم، وهم يقبلون باتفاقات واستراتيجيات طلبها الروس أو وافقوا عليها، لكن هدنة حلب، بعد الضربة الأميركية، كانت بمثابة سم يجري تناوله ببطء، فيما يكبر الاحساس بالتذمّر لدى حاضنتها الشعبية.
شرحت دمشق، من دون الحاجة لحجج كبيرة، أن ضحايا دير الزور يتطلبون انتقاماً صريحاً. وأن هيبة الروس جيشاً وساسة، تتطلب هذا الانتقام. كانت ضربة جبل ثردة تقدم خيارين لا ثالث لهما. الرد في الميدان، أو تنازل أميركي كبير في المقابل تفرضه واشنطن على حلفائها في الداخل أو الخارج.
لم يأتِ التنازل، بل على العكس، ارتفعت وتيرة التصعيد، وبما أن الجبهات كثيرة في سوريا، اختارت موسكو الرد، في أهم الساحات وهي حلب، على مسافة كيلومترات عدة من جيش «درع الفرات» المدعوم تركياً، وكيلومترات أخرى من مناطق سيطرة الأكراد وتنظيم «داعش»، وفي الجبهة التي يكترث لها الغرب كثيراً.
وفيما يرتفع التصعيد الغربي ضد الحملة في حلب، بشكل يشبه ما جرى في حمص قبل سنوات، يقوي التحالف الذي يتقدمه الجيش السوري عملياته كل يوم عن الذي سبقه، وأمس صباح الجمعة، وسع الجيش من جبهاته في حلب مستفيداً من الغطاء الجوي والصاروخي الذي استمر معظم الليل، محاولاً التقدم في عمق الأحياء الشرقية أكثر كما باتجاه حي السيد علي في حلب القديمة، فيما تستمر المعارك على جبهات الحرابلة وكروم بيت بري ومحيط قلعة حلب والصاخور، وحيي الميدان وسليمان الحلبي.
ولم تكتف دمشق، باعلان شن الحملة لتحرير أحياء حلب الشرقية، بل تعمل على فرض التسويات في محيط العاصمة، بغرض إبعاد المسلحين قدر الإمكان عن محيط المدينة، وهو ما نجح في داريا وتتهيأ له في قدسيا والهامة والغوطة الشرقية.
وتعتبر الفرصة سانحة، في ظل غياب الديبلوماسية المحصورة بين روسيا وأميركا فقط، أن تحاول كل الأطراف توسيع رقعة تفاوضها العسكرية، كما يجري في حماه باعتباره رداً على حملة الجيش في حلب.
وينظر الروس الآن للخريطة في الشمال، كما سبق وفعلوا مراراً، بانتظار اللحظة المناسبة لاعلان اتفاق جديد، أو التقدم أكثر في الخيار العسكري.
وتأتي تصريحات زعيم حزب الاتحاد الديموقراطي صالح مسلم، أمس الأول، لتوحي بخيارات إضافية، إذ يرحب مسلم بالتدخل الروسي في حلب باعتباره أنقذها من أن تصبح جزءاً من «الإمبراطورية العثمانية»، في إشارة إلى تركيا، علماً أن للأكراد تواجدا ضمن أحياء حلب أيضاً.
ومع الوقت، توحي خطوط الجبهات المعقدة في الشمال، أنه بالإمكان تحقيق تحالفات موقتة مفيدة، فهل يمكن أن تسعى موسكو لتحقيق توائم موقتة بينها وبين دمشق من جهة، والأكراد من جهة أخرى، وذلك فيما تبدو مدينة الباب على بعد عشرات الكيلومترات فقط؟ وذلك بانتظار أن تعرف الولايات المتحدة ما الذي تريده تماماً من «قوات سوريا الديموقراطية»، وقبل أن يصبح جدار العزل التركي على مشارف المدينة.
السفير

اقرأ أيضا ...
هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟
ملاحظة : جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا علاقة لموقع دام برس الإخباري بمحتواها
الاسم الكامل : *
المدينة :
عنوان التعليق : *
التعليق : *
*
   
دام برس : http://sia.gov.sy/
دام برس : https://www.facebook.com/Syrian.Ministry.Culture/

فيديو دام برس

الأرشيف
Copyright © dampress.net - All rights reserved 2024
Powered by Ten-neT.biz