Logo Dampress

آخر تحديث : السبت 20 نيسان 2024   الساعة 17:48:08
دام برس : http://alsham-univ.sy/
دام برس : http://www.
دمشق توظف أعداءها لكسب الحرب

دام برس :

محمود عبد اللطيف
لم يكن اتفاق إخلاء داريا إلا مقدمة لجملة من الاتفاقات المماثلة في "معضمية الشام" وربما مناطق أخرى من الغوطة الشرقية في المراحل القادمة بالاستفادة من ضغط ميداني يرتكز على اختيار ضرب النقاط التي تضعفها الصراعات الميليشياوية في المنطقة، ويبرز "حي الوعر" في حمص كواحدة من وجهات المصالحة، ومن اللافت أن دمشق ترفض القبول بإخراج المسلحين لأي مكان سوى إدلب، التي يجري العمل فيها على إنشاء "كيان جهادي" موحد يضم كبرى الفصائل الإخوانية والمرتبطة بـ"القاعدة" تحت راية واحدة، وسيكون لـ"النصرة" القيادة العسكرية على أن تتسلم ميليشيا "حركة أحرار الشام" القيادة العامة والتمثيل السياسي.
الإسم المرتقب لهذا الفصيل سيكون "جبهة الفتح الإسلامية" لكونها ستضم ميليشيات من غير السوريين كـ"الحزب الإسلامي التركستاني" و "أجناد القوقاز"، وهو ماقد يحمل لدمشق فائدة كبرى من خلال ميزة "الفصيل الواحد" بما يحمله من إغراءات الدعم الخارجي بشتى أشكاله، لجهة تسريع وتيرة قبول المسلحين في مناطق عدة بالإنتقال إلى إدلب.
وبالنظر إلى الجبهة الجنوبية خلال المرحلة الراهنة تظهر لنا حالة السكون الميليشياوي واضحة، وقد يكون لتضارب مصالح غرفة عمليات الموك مع مصالح ميليشياتها العاملة على الأرض دور كبير في هذا السكون، وفي حين أن النظام الأردني قرر إغلاق حدوده دون أن يوضح معنى هذا الإغلاق إن كان ضد المسلحين أو المدنيين الفارين من مناطق "داعش"، فإن البادية الواصلة من الحدود الأردنية السورية إلى تخوم دمشق وحمص ودير الزور والسويداء، مناطق تضعها الحكومة السورية في آخر حساباتها الميدانية، وهذا يجعل من الشمال مكانا مناسبا بالنسبة لدمشق لإنهاء المرحلة الأصعب من الصراع مع أعداءها. والذي تحاول القوى الإقليمية إنعاشه بالدفع نحو التعقيد من خلال خلق جملة من الصراعات الميدانية المتعددة الأوجه والأهداف.
فتمدد الأتراك بميليشياتهم على حساب "قوات سورية الديمقراطية"، في وقت تبرأ فيه الأمريكيون من دعم إقامة الدولة الكردية، موصفين علاقتهم مع الأكراد بأنها "توظيف لقتال داعش مقابل المال"، وفي حين أن الاتراك يسربون أنباءً عن زياراتهم لدمشق، لاتبدي الأخيرة أي اكتراث بالغزل التركي ولا تنفي وجود تواصل مع أنقرة، ما يشير إلى أن احتمالية حدوث هذا التواصل عالية، لكن التواصل لا يعني الاتفاق، وصمت دمشق يربك حلفاء أنقرة حول توجهات النظام التركي خلال المرحلة القادمة مع ملاحظة أن دمشق أدانت العدوان التركي على أراضيها، وهنا تلعب دمشق ببرود سياسي بورقة من شأنها أن تعقد خيارات أعداءها وتضع ثقتهم ببعض تحت المجهر.
ولا تتخوف دمشق من مغبة تمدد الأكراد نحو الرقة أو الحسكة، فالتجاذب الدولي يشير إلى أن مسألة إقامة دولة كردية مرفوضة، وقدرات وحدات الحماية معدومة أمام أي عملية يشارك فيها سلاح الجو السوري ضدها، فالأمريكي الذي يشّغلهم ضد "داعش" مقابل المال لن يمتلك الحجة الكافية لدعمهم أو حمايتهم بعد إنهاء "داعش"، الذي اعترف بهزائمه الأخيرة معتبرا إياها "ابتلاء للمؤمنين" في إشارة منه لعناصره الذين باتوا يبحثون عن مخرج آمن من سورية.
وفي حين أن الأمريكيين والروس يكشفون بشكل تدريجي عن توافقاتهم حول سورية، وآخر ما كشف عنه "التحضير لضرب حملة السلاح في حلب"، فإن دمشق ترى أن المرحلة القادمة ستكون لترميم العلاقات الدولية وإن بدء الأمر بتسكين جبهات الاشتباك السياسي مع خصومها الإقليميين، لكي تضمن لنفسها تدخلاً روسياً ضاغطاً لإخراج القوات التركية من الأراضي السورية، لكن الروس يرون في ضرب القوى الكردية من قبل أردوغان خلال المرحلة الحالية، إعادة توجيه لبوصلة الكرد ليقاتلوا "داعش" بدلاً من البحث عن حلمهم بالدولة الكردية، وفي ذلك قدرة روسية على ترويض الجموح الأمريكي في الملف السوري، ويبدو أن واشنطن اقتنعت بضرورة تهدئة المنطقة خلال المرحلة القادمة مع الإحتفاظ بأدوات إشعالها خلال مرحلة قد لا تكون قريبة.
وسبب البحث الأمريكي عن هذه التهدئة هو التخوف من الإستعراض العسكري أكثر من قبل روسيا، وسبق وجود الروس عسكريا في شرق المتوسط لمحاربة الإرهاب بإنهاء أسبابه الموجبة، ولن يغيب عن بال واشنطن توجه مجموعات من حزب الله الى المناطق القريبة من شريط الفصل بين أراضي الجولان السوري المحررة والمحتلة، وهذا ما يوجب على واشنطن الخروج من عنق الزجاجة السورية بأكبر قدر ممكن من المكاسب ولن يكون نفط المناطق الشرقية عبر الأكراد خلال المرحلة أقلها.
وإذا ما تمكن الأكراد من أخذ الرقة سيضطر تنظيم "داعش" للتوجه نحو دير الزور المدينة المرشحة لتشهد معارك ضخمة بعدة احتمالات بعد إنهاء جبهتي حلب والرقة، وسيكون لعمليات الجيش السوري نحو حلب الشرقية بعد اتمام إغلاق الثغرة التي افتعلها المسلحون من جهة الراموسة دور كبير في نقل ثقل المعارك السورية نحو إدلب، المرشحة أيضا لتشهد معارك عنيفة على ست محاور على الأقل، فمن ريف حلب الجنوبي والجنوبي الغربي، سيكون للجيش طريق نحو ريف إدلب الشرقي والجنوبي الشرقي، كما إن جبهتي ريف حماة الشمالي الغربي والشمالي الشرقي مرشحتان لمعارك كبرى، ومن الريف الغربي سيضغط الجيش من محورين أساسيين هما الريف الشرقي للاذقية من جهة "جب الأحمر" ومن أقصى الشمال الشرقي لريف اللاذقية على محور "كنسبا" وما بعدها.
ويبدو أن المرحلة القادمة على المستوى الميداني في سورية معنية باستخدام السياسة لحصر الجبهات السورية بأربع جبهات مباشرة للجيش السوري في كل من إدلب ودير الزور ودرعا وحلب، على ألا تطول عمليات القتال في حلب بالتزامن مع استخدام "الاشتباك الفاتر" في درعا يحيث لا نأمن الميليشيات على وجودها جنوب سورية. ولا تظهر دمشق رغبة بتسكين هذه الجبهة مرحليا، الأمر الذي يجعل كل من دير الزور وإدلب جبهتين أساسيتين ينقل إليهما ثقل القوات العسكرية، وفي حين أن دير الزور ستنعش الاقتصاد وتنهي "اسطورة داعش" في سورية، فإن إدلب تعتبر بمثابة "مربط الفرس" في الأزمة السورية، لكن للحديث عن استعادة هاتين المحافظتين لا يظهر أن معاركهما ستكون قصيرة المدة أو سهلة عسكريا.
عاجل

اقرأ أيضا ...
هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟
ملاحظة : جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا علاقة لموقع دام برس الإخباري بمحتواها
الاسم الكامل : *
المدينة :
عنوان التعليق : *
التعليق : *
*
   
دام برس : http://sia.gov.sy/
دام برس : https://www.facebook.com/Syrian.Ministry.Culture/

فيديو دام برس

الأرشيف
Copyright © dampress.net - All rights reserved 2024
Powered by Ten-neT.biz