دام برس :

لم يكن إعلان زعيم جبهة النصرة أبو محمد الجولاني فك ارتباطه عن تنظيم القاعدة في هذا الوقت مجرد كلام يمر عابرا دون تبعات استراتيجية، ستخلفها رغبة الجولاني في الايحاء بتغيير الايدولوجيا الفكرية للنصرة من الارهاب نحو الاعتدال.

كلام الجولاني الذي جاء في وقت يزداد الضغط على داعمي التنظيمات المسلحة لفك ارتباطها بالقاعدة، حتى يسهل على روسيا استهداف الفصائل الارهابية بسهولة، إضافة إلى أن الاعلان جاء بعد سيطرة الجيش السوري على أهم معاقل تلك التنظيمات في ريف حلب وأثبت أن قوة الجيش بالتعاون مع القوات الصديقة وإسناد من الحلفاء، قادرة على الذهاب بعيدا في معركة الشمال، وتحديدا باتجاه فتح معركة إدلب.

الجولاني يعي تماما هو والقاعدة أنه غير قادر على مواجهة القوة العسكرية وهو ماحصل في حلب، لذلك كان الأمر من الداعمين، وتحديدا السعودية وقطر وربما تركيا، بفك الارتباط عن القاعدة، في محاولة منهم للحفاظ على مدينة إدلب، على أنها تحت سيطرة تنظيم معتدل.

هذا السيناريو يؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن النصرة تعي تماما وجهة الجيش السوري المقبلة وهي مدينة إدلب، وبالتالي فإن المدينة أصبحت ساقطة من الناحية السياسية بانتظار العمل العسكري المحتوم، والذي سيكون عقب استكمال عملية حلب وربما قبل ذلك، خاصة وأن الجيش بات يحاصر المدينة من الجبهات الثلاث الشرق والجنوب والغرب، إضافة إلى أن تركيا ستكون عاجزة عن دعم النصرة في حال بداية عمل عسكري ضد المدينة.

تركيا التي تعاني من تخبط سياسي وعسكري داخل الجيش والحكومة والبرلمان لن تسمح بهروب عناصر من النصرة نحو أراضيها، وبالتالي ستكون الحدود التركية مغلقة جزئيا بوجه إرهابي القاعدة، ناهيك عن التفاهمات التركية الروسية والتركية الإيرانية باتجاه مكافحة الارهاب وهو الأمر الذي سينعكس ايجابا على ما يحدث في الشمال السوري.

ظهور الجولاني للمرة الأولى بوجهه الحقيقي ربما يكون ممهدا لسيناريو أشبه بما حصل للمدعو زهران علوش في غوطة دمشق، وعندها سقطت سلسلة بلدات الغوطة الشرقية تباعا، وهذا ما ستؤول إليه معركة إدلب القادمة.