Logo Dampress

آخر تحديث : الجمعة 19 نيسان 2024   الساعة 00:10:04
دام برس : http://alsham-univ.sy/
دام برس : http://www.
خيارات تركيا ومصالحها

دام برس :

ومع أن التدخل الروسي يزعج أنقرة كثيراً، غير أن البلدين مرتبطان بمصالح كبيرة، وعلاقاتهما تتطور، وقد شهدت قفزةً مهمة العام الفائت، حيث وصف لافروف في أيار-مايو 2014 علاقاتهما في مجال الطاقة بـ"الشراكة الاستراتيجية"، وقال إن الدولتين "عازمتان على القيام بكل ما بوسعهما لتحقيق الأهداف التي وضعها بوتين وأردوغان لرفع حجم التبادل التجاري إلى 100 مليار دولار خلال السنوات القليلة المقبلة"، كشف أن البلدين أكدا على أن تحقيق مشروع خط أنابيب غاز "السيل الجنوبي" وبناء أول محطة كهرذرية تركية "أكويو" على أيدي الخبراء الروس يسيران بنجاح". ولاحقاً، تخلت روسيا عن خط "السيل الجنوبي" الذي كان يمر من روسيا عبر البحر الأسود إلى أوروبا، مستثنياً تركيا إلا من خط إمداد ضعيف لحاجتها المحلية. واستبدلت هذا الخط الاستراتيجي بالنسبة لها، بخط آخر سمي "السيل التركي" ويمر عبر تركيا، وذلك في إطار اتفاق بين الدولتين، ما أشاع أجواءً إيجابية جداً عن تطور علاقاتهما. وروسيا هي المورد الرئيس للغاز إلى تركيا، التي تستورد أيضاً من إيران وآذربيجان وقطر، وسبق أن طلبت أنقرة من طهران تخفيض سعر غازها الطبيعي، الذي يعد الأغلى سعراً بين منتجات الدول الأخرى من هذه المادة، بحسب ما صرح أردوغان من طهران بعد لقائه الرئيس روحاني في أبريل 2015. بعد الضربات الروسية، صرح المسؤولون الأتراك بأن بلادهم تستطيع استيراد الغاز من دولٍ غير روسيا، ولمحوا إلى إمكانية الاستعانة بدولٍ أخرى لبناء المحطة الكهرذرية. ولكن هل يمكن اعتبار هذا الخيار سهلاً على أنقرة؟ إن المصالح الاستراتيجية التي كسبتها أنقرة خلال السنوات الماضية من عمر الأزمة السورية عديدة جداً، ومن كافة الأطراف الفاعلين، فمن الروس ربحوا اتفاقات ذكرنا بعضها، ومن الإيرانيين ربحوا اتفاقيات اقتصادية كبرى، وربحوا من دول الخليج ومن الولايات المتحدة الأميركية، ومن سوريا ربحوا بطريقة غير مشروعة وعبر المنظمات الإرهابية أرباحاً طائلة من عائدات النفط والمعامل المسروقة والآثار والقطع السورية النادرة. ولكن استمرار أنقرة في ابتزاز الأطراف كافة أصبح خطراً للغاية عليها. ولا يبدو أن روسيا ستتراجع عن خطوتها الأخيرة في سوريا، بل يمكن أن تتخذ خطواتٍ تصعيدية أخرى، ولكنها لا تريد خسارة أنقرة بل تريد استقطابها، خصوصاً أن سياسة الاستقطاب الاقتصادي الروسية ناجحة، وقد جربت مع دول "بريكس" كل واحدة على حدة. ولهذا صرح لافروف في 15 تشرين الأول-أكتوبر الحالي خلال مؤتمر عن الشراكة الروسية التركية أن بلاده مستعدة للتعاون "الوثيق وعن قرب" مع تركيا في مكافحة الإرهاب، بما يشبه تقديم عرض لحكومة أردوغان قبل شهر من الانتخابات التركية. ولكن تصريح لافروف، أعقبه نائبه في وزارة الخارجية بالتلميح إلى إمكانية التعاون مع الأكراد أيضاً في مكافحة الإرهاب، لتسارع أنقرة إلى اتهام موسكو بتسليح الأكراد، فتنفي موسكو ذلك. باختصار، إن وضع تركيا الحالي لا يساعدها على فرض شروطها على القوى الكبرى، فالوضع السياسي غير مستقر بعد الانتخابات الأخيرة وعدم تمكن أوغلو من تشكيل حكومة، والبلاد أمام انتخابات جديدة قد تطيح بما تبقى من طموحات أردوغان. والوضع الأمني أصبح أكثر سوداوية بعد انفجار أنقرة الذي أودى بحياة قرابة المئة في أكتوبر الحالي، بالإضافة إلى مواجهات مستمرة مع الأكراد، والقلق المتعاظم من اللاجئين ، والجهد الأمني المطلوب لمتابعة المقاتلين الذين يتنقلون بين تركيا وسوريا. وأمام تركيا وأردوغان اليوم خيارات عدة، أولها الاستمرار بدعم التنظيمات الإرهابية، وبالتالي المخاطرة باحتمالات أعلى للمواجهة مع روسيا. والخيار الثاني هو الاكتفاء بالتفرج على الأحلام العثمانية تدمر أمام أعين الجيش التركي في الجنوب، وهذا السيناريو سيشكّل نهايةً حقيقية لحكم أردوغان. والخيار الثالث هو التعامل بمرونة مع الضريات الروسية والسعي لعدم الصدام، وفي نفس الوقت الاستمرار بدعم التنظيمات الإرهابية، مع ما يحمله ذلك من مخاطرة الاصطدام بالروس في أية لحظة، وهو أمرٌ قد يحدث من دون إرادة الطرفين، بل من خلال طرفٍ ثالثٍ على الأرض يجد مصلحةً في أخذ الدولتين إلى خيار المواجهة المباشرة كأمرٍ واقعٍ ميدانياً. وذلك إما للاستفادة من روسيا في ضرب تركيا وإقصائها جبراً عن التدخل في الأزمة السورية، وإما لاستعمال تركيا كدرعٍ في مواجهة حمم الطائرات الروسية والسورية. والخيار الرابع هو الانخراط بقوة في مكافحة الإرهاب، إلى جانب التحالفين الروسي السوري، والغربي، وإغلاق الحدود أمام الإرهابيين ووقف إمدادهم، والتركيز على الشأن الداخلي في انتظار استعادة قدرتها على بناء علاقات ودية مع جيرانها. وبالمحصلة فإن تركيا وحكمها في أسوء حال لهم منذ بداية الأزمة في سوريا، وإذا استمرت بالمراهنة على إسقاط النظام السوري بالقوة، فإنها ستكون أكبر الخاسرين.

الوسوم (Tags)

تركيا   ,  

اقرأ أيضا ...
هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟
ملاحظة : جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا علاقة لموقع دام برس الإخباري بمحتواها
الاسم الكامل : *
المدينة :
عنوان التعليق : *
التعليق : *
*
   
دام برس : http://sia.gov.sy/
دام برس : https://www.facebook.com/Syrian.Ministry.Culture/

فيديو دام برس

الأرشيف
Copyright © dampress.net - All rights reserved 2024
Powered by Ten-neT.biz