دام برس :

يبدو أن القدر قد فرض على روسيا في الآونة الأخيرة أن تكون في موضع النافي والمؤكد لخيار وموقف اتخذته، ومن عقدة العالم أي سوريا، قال القدر كلمته، موسكو ترى أمنها القومي في دمشق، روسيا لن تغير موقفها من الأزمة السورية، ودمشق ستبقى حليفاً تاريخياً.

لا يرى الروس في الشروط الذي يعضها المحور الغربي، لا سيما ما يتعلق بشرط تنحي القيادة السورية، سوى وسيلةً لتحقيق مخطط أمريكي، إن أبناء ستالين  على يقين بأن القيادة السورية هي من أكثر الأسباب قوةً لإثارة الحنق الغربي والأعرابي.

في هذا السياق نفت وزارة الخارجية الروسية مزاعم  نشرتها وسائل إعلام عن تعديل موسكو لموقفها من الأزمة السورية ومستقبل السيد الرئيس بشار الأسد، واصفةً إشاعات تحدثت عن صفقة روسية ـ أمريكية ـ سعودية حول القيادة السورية بأنها أوهام وتزوير.

العبارة الأقوى في التصريح الرسمي الروسي هي كلمة أوهام، كلمة اختارها الروس بعناية لأنها تحمل أبعاداً مستقبلة في ذات الوقت، إذ أن الوهم شيء غير منطقي ومستحيل أن يتحقق حتى مستقبلاً، بمعنى آخر فإن موسكو أكدت أنه لا مجال أبداً للرهان على تغيير في التوجه الروسي، كيف لا وسوريا هي بوابة عبور الروس إلى القمة في العالم.

بل إن روسيا أكدت للغرب وحلفاءهم العرب بأن خياراتهم السابقة والحالية ما هي إلا استمرار لفشل رهاناتهم ورؤيتهم القاصرة، إذ لا يمكن أن تتخلى روسيا عن الخلطة السحرية لإعادة بث القوة في عروق المارد الروسي "سوريا".

وفي غمز لأمريكا وتحقير لبعض الأنظمة الحليفة لها، تضمن الموقف الروسي تذكيراً بأن الروس لا يتدخلون في شؤون الدول الأخرى، ولا يعينون رؤساءً لها، كما يفعل البعض في بعض الدول!

إذاً فإن موسكو يوماً بعد يوم وتبعاً للمواقف العدائية المعلنة والمبطنة من قبل المحور الغربي تزداد إصراراً على دعم الحليف السوري، سيد الدبلوماسية السيبيرية سيرغي لافروف أطلق موقفاً من العيار الثقيل، موسكو لم تخفي تزويد سوريا بمعدات حربية.

أكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف لنظيره الأمريكي جون كيري أن بلاده لم تخف أبدا تزويدها دمشق بمعدات عسكرية لدعم الأخيرة في مكافحة الإرهاب، فالقوات المسلحة السورية تعد الأكثر فعالية من القوى التي تواجه التنظيم والإرهابيين الآخرين على الأرض "على حد ما ورد في الموقف الروسي".

اللافت أيضاً هو أن لافروف جدد خلال لقاءه نظيره الأمريكي جون كيري تأكيد القيصر بوتين أنه من السابق لأوانه الحديث عن مشاركة روسيا في العمليات العسكرية في سوريا.

وهذا أيضاً لوحده يُعد أبرز أثقل العيارات الكلامية والمواقف التي أطلقها الروس  ضد الجبهة الأمريكية مؤخراً، إذ أن كلمة من السابق لأوانه تعني أن هناك نوايا روسية مؤكدة ولكنها مؤجلة بمساعدة السوريين فعلياً وعلى الميدان، قد يندرج ذلك ضمن الحرب النفسية والحرب الباردة بين موسكو وواشنطن، لكن المهم أن ذلك التصريح هو بيان وتأكيد آخر على المدى الذي ستذهب إليه روسيا في دعم الحليف السوري التاريخي.