دام برس :

المنطق الطبيعي لممارسات الكيان الإسرائيلي أن يرد على عملية مزارع شبعا التي نفذها حزب الله رداً على استهداف القنيطرة، و بكون الإسرائيلي لا يعنى وفق منهجيته و منذ تاريخ وجوده أي حرمة للمدنيين.

رد الكيان الإسرائيلي على عملية شبعا من خلال أدواته من "يهود الداخل" المتمثلين بجبهة النصرة  التي تدور في فلك الكيان للحفاظ على وجودها و الحصول على الدعم كبير من الكيان لتحقيق حلم هدم الدولة السورية، وكان من المتوقع أن تتحرك جبهة النصرة في منطقة الجولان السوري أو منطقة عرسال اللبنانية خلال الساعات الأولى من العملية للرد على حزب الله بما إن الكيان لم يكن قادراً على الرد المباشر خشية من الحرب، لكن الأيام الماضية شهدت سكوناً من قبل "يهود الداخل" و لم تتحرك الميليشيات على نطاق واسع.

لكن و من الطبيعي جداً أن تتبنى جبهة النصرة عملية استهدفت حافلة من المدنيين اللبنانيين في الداخل السوري، كانوا في زيارة إلى مقامات مقدسة إسلامياً، وعبر عبوة ناسفة استندت إلى تحرك استخباري من قبل أتباع الموساد الإسرائيلي من جبهة النصرة، وهذا يعكس مدى تخلي الكيان الإسرائيلي و جبهة النصرة عن قوانين الحرب، و حرمة استهداف المدنيين و المقدسات.

تبني جبهة النصرة لعملية تفجير حافلة الزوار اللبنانيين هو الرد الذي تأخر من إسرائيل على عملية المقاومة في جنوب لبنان فإسرائيل جندت "يهود الداخل" المعتنقين لأفكار محمد بن عبد الوهاب اليهودي الأصل لتحقيق أهدافها في هدم الدولة السورية و التصعيد مع حزب الله على أرض خارج لبنان لتوريطه سياسياً في أزمة داخلية لبنانياً، بحثاً عن خلق شرخ في العلاقة بين المقاومة وجمهورها.

العملية تزيد من الأدلة على مدى العلاقة الوثيقة بين الكيان الإسرائيلي و جبهة النصرة، ومدى تحكم جهاز الاستخبارات الإسرائيلي "الموساد" بقرار التنظيم الذي يعّد الفرع السوري لتنظيم القاعدة في سوريا، والذي يثبت كل يوم مدى عمالته للكيان، فالنصرة اتخذت قراراً بدخول حرب العمليات الاستخبارية بين محور المقاومة و إسرائيل، لكن المعطيات تشير إلى أن محور المقاومة إن كان سيبحث عن رد حيال العملية، فلن يقوم بعملية تستهدف "المدنيين" في الكيان، على الرغم من كون كل المستوطنين اليهود بممارساتهم لا يمكن أن يدخلوا تحت تصنيف مدنيين بالمطلق، و إن كان الأمين العام لحزب الله قد أعلن التخلي عن قواعد الاشتباك مع الكيان الإسرائيلي، فإن المقاومة ممثلة بنصر الله لن تتخلى عن أخلاقياتها التي تمنحها مشروعية الوجود كحركة مقاومة للاحتلال الإسرائيلي.

 في المحلصة، فإن "يهود الداخل" في سوريا ممثلين بكل الميليشيات المسلحة التي تعتنق المذهب الصهيوأمريكي في منهج ممارساتها التي تستهدف المدنيين بشكل مباشر، تسقط كل أخلاقيات "الحرب"، وتبقي على أبواب التصعيد مفتوحة خدمة للكيان الإسرائيلي لا بحثاً عن شيء مما تدعيه من بحث عن التغيير الديمقراطي في سوريا، فجبهة النصرة كحال داعش تحرم "الحرية" وفق مفهومها الديني، و تشرعن القتل لكل من يخالفها في الرأي و لا يواليها.

عربي برس - محمود عبد اللطيف