دام برس:
نعم الغباء نعمة، لأنه يؤدي إلى طول العمر، لقد عشت و أنا اليوم في العقد الثامن، لم أصاب بمرض الضغط الشرياني، بفضل غبائي! و هذه الحقيقة استشفها الشاعر المتنبي منذ قرون بقوله:
ذو العقل يشقى في النعيم بعقله وأخ الجهالة في الشقاوةِ ينعم
و الشطر الثاني من هذا البيت يبين سبب النعيم الذي يعيشه الكثير من العربان في هذه الأيام.
من يستمع للكلمات التي القاها وزير الخارجية السعودي في الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 24/9/2014 يقول فيها:
أن النظام السوري هو المسؤول عن احتضان الحركات الإرهابية، و بالتالي يتحمل مسؤولية تدمير سورية على أيدي هؤلاء الإرهابيين..!
المستمع لذلك: إن كان عاقلاً، حتماً سيصاب بالذهول من الدرك الذي وصل اليه المنطق، و الأسى على المفكرين إذا وصلوا إلى مرحلة لطم الخدين من صدمة العهر السياسي الذي يلوث آذانهم. أما الغبي، لا حسد، ينعم يهذا الكلام، يهز رأسه يمنةً و يسرة، طرباً، أسوةً بالوزير، و هو "يفصفص البزر" أثناء هذه التغريدة!
السؤال المطروح: هل باتت الحقيقة خافيةً على أحد، بعد مرور ما يقارب اربع سنوات على المأساة السورية؟ أم أن المخططين يعرفون غبائنا بأننا نصدق كل ما نسمع؟
منطق وزير الخارجية، يذكرني بالقصة التالية التي جرت مع أحد أصدقائي رحمه الله. كان طالب في مدرسة هنانو الدمشقية في الأربعينات، حين استدعاه مدير المدرسة إلى غرفته بغية عقابه على ذنب اقترفه (لم يرتدي الصدرية). طلب المدير من صديقي مدَّ يده، و حذره بعدم سحبها خوفاً من سقوط العصا علي زجاج الطاولة. امتثل صديقي لأوامر المدير، و كان عمره لا يتجاوز العشرة أعوام، تحمل الضربة الأولى، إلا أن الألم دفعه لسحب يده عند الضربة الثانية، مما أدى إلى كسر زجاج الطاولة (الذي كان ثمنه باهظاً في ذلك الزمن). وهنا غضب المدير و أخذ يضربه بيديه يمنةً و يسرة، و هو يصيح: "لقد حذرتك بألا تسحب يدك!!"
هذا منطق وزير الخارجية: نريد تأديب سورية، الذنب: غياب الديموقراطية و الحرية التي تتمتع بها بلاده، و هذا يستدعي جلب الإرهابيين من كل أنحاء العالم، مع التنبيه: يا نظام، إياك أن تدافع حتى لا تتدمر سورية!!!
ينتقدون مناهج التعليم في الوطن العربي، لعدم وجود اي أثر له في ساحات الإنتاج. و بتصوري، هذا نعمة، فالتعليم لم و لن يفيدنا بشيء، إلا بفبركة شخوص أنيقة تبحث عن مركز ما. و هذا ما أثبتته العقود الماضية. و بالمقابل للجهل فوائده، أقل ما يقال في ذلك، تحمل الساسة العرب حين يستخدمون المنطق في حديثهم!
عزيزي القارئ:لا تحزن إن فات قطارالعلم ولدك. في الوطن العربي مفتاح النجاح: الجهل و الغباء و أن تطاطي (تعبير مصري) بحِرَفيّة لذوي النفوذ. و هذه الثلاثية ستستمر طالما تدفق النفط في الجزيرة العربية.