Logo Dampress

آخر تحديث : الجمعة 29 آذار 2024   الساعة 14:36:32
دام برس : http://alsham-univ.sy/
دام برس : http://www.
داعش الكبرى وداعش الصغرى

دام برس :

في 9 آذار المنصرم أدلى محمد رياض شقفة، المراقب العام للإخوان المسلمين في سورية، بتصريحٍ لموقع إلإخوان يؤكد فيه أنّ داعش هي صناعة إيرانية وهي شريكة النظام في سورية والعراق وهذا ما قاله حرفياً: "هذه المجموعات هي جزء من النظام السوري، وهي نفسها جزء من دولة العراق والشام وهي نفسها داعش، وهذه من صناعة إيرانية، وهي أتت لإفساد الساحة الثورية في سورية، وتتحدّث باسم الثورة لتفسد الساحة على الأرض لصالح النظام وتربك الأمر على الأرض وهي جزء من النظام".

وهناك من ذهب بالقول إنّ داعش هي صناعة سورية وأنها تخدم أجندة معينة للنظام تتمثل في تسويق إرهابية وبطش المجموعات المعارِضة للنظام لإعادة نسج علاقة قواعد السوريين الشعبية الذين ناصروا "الثورة"، والقائلون بهذا القول كثر ولا يسع المجال هنا لاستعراضهم، فهم كل من يناصب للنظام السوري العداء من أميركا الى أوروبا الى أغلب الدول العربية، وآخرهم اليوم هادي البحرة "رئيس الإئتلاف السوري" الذي أكّد أنّ تنسيقاً سرياً بين داعش والجيش السوري يحصل في موضوع تقدّم داعش في أرياف حلب.

الذين اتهموا إيران وسورية بتصنيع داعش استندوا الى أنّ داعش لم تدخل في صدامات مباشرة مع الجيش العربي السوري.
أما وقد نفذّت داعش انتشارها في العراق وسورية وباتت تسيطر على مساحات واسعة من الأرض توازي عشرة أضعاف مساحة لبنان، وتملك سيطرة على العديد من السدود المائية ومحطات توزيع الكهرباء وعشرات آبار النفط والغاز، واستولت على كميات ضخمة من الأسلحة والذخائر من مستودعات الجيش العراقي ومن الجماعات المسلحة التي انهزمت بمواجهتها في سورية، فإنّ أسئلة عديدة تطرح نفسها بقوة أهمها، كيف لتنظيم كداعش أن يستطيع بسط سيطرته على هذه المساحات من الأرض ويضع نفسه في مواجهة الجيشين العراقي والسوري، وكذلك الجماعات المسلحة الأخرى في وقتٍ واحد؟

داعش هذه هي داعش الصغرى، التي مهما قتلت وبطشت لا يمكنها أن تتجاوز مشغّليها، كما من المهم أن نشير الى أنّ كل من يبرّر ويسوّق ويتردّد ويضلّل هو شريك فعلي لداعش في تنفيذ مشروعها.

المراقب للخط البياني لصعود داعش ومسارها يدرك أنّ الدقّة التي تنمو من خلالها مرتبطة بمئات وربما آلاف الإختصاصيين في مختلف الإختصاصات، فالمسألة تتجاوز مجرد خبرات عسكرية للبعض من قادة داعش مهما كانت خبرتهم، فهناك الكثير من التفاصيل التي يمكن للمراقبين متابعتها تشير الى ذلك.

فما يجري يتجاوز احتلال أرض وإقامة دولة الخلافة، ليطال هوية المنطقة ومكوّناتها وسحق آلاف السنين وتاريخ بأكمله، فماذا يجري بالضبط:
1- ترافق تمدّد داعش في العراق مع اقتلاع مكونات اجتماعية من جذورها، كما حصل مع المسيحيين ويحصل مع الإيزيديين والتركمان والأكراد وغيرهم.
2- هدم المعالم الدينية والأثرية لطمس معالم المنطقة وتاريخها، وهذا أمر موجّه للأجيال القادمة في حين يتم العمل على إشاعة الرعب والبطش كوسيلة لإخضاع السكان الذين يعيشون حالياً تحت سيطرتهم.
3- البدء بتغيير مناهج التعليم وإلغاء الكثير من المواد في العلوم الإنسانية وعلوم الإحياء التي شكلّت في مرحلة معينة الرافعة الحقيقية للإسلام، كعلوم الفلسفة والكيمياء والفيزياء والحقوق وغيرها.
4- إعلان مواقف واضحة لا لبس فيها حول قضية فلسطين وما جرى من إحراق العلم الفلسطيني في عز معركة غزّة، والقول بأنّ "إسرائيل" ليست العدو وإنما يجب تركيز الجهد على إقامة دولة الخلافة وهي، أي الدولة، التي تحدد لاحقاً العدو والصديق.

وبمتابعة السلوك اليومي لداعش فإنّنا بالتأكيد نلاحظ مساراً مختلفاً للمسار الذي انتهجته الجماعات المسلحة الأخرى، مسار يعتمد على حرفية عالية في مسائل ثلاث:
1- الجانب العسكري حيث نرى عمليات عسكرية دقيقة وغير متسرعة تعتمد على الحركية العالية والضربات القوية، وهذا ما يحتاج في ظروف المعركة الحديثة الى وسائط استطلاع متقدمّة جداً ومعلومات استخباراتية دقيقة دائمة ومتتابعة، وهنا لا بد من ذكر أن عمليات استطلاع واستعلام كالتي نتحدث عنها تتّم عبر منظومات مترابطة ومعقدة كالأقمار الصناعية وأجهزة المتابعة والتنصت، وهي منظومات لا تملكها الاّ الدول الكبرى، كما لا بدّ من الإشارة الى أنّ حدود داعش الهادئة هي جميعها مع تركيا التي يمّر من خلالها المقاتلون والأسلحة والعتاد وتتم كل عمليات التبادل التجاري.
2- منذ بداية انطلاق هذا التنظيم كان الهمّ الأول له هو السيطرة على آبار ومصافي النفط لتأمين واردات مالية لتوسيع عمل التنظيم، من خلال التجنيد وشراء الأجهزة والعتاد وكل ما يلزم لإدارة المعركة، إضافةً الى أنّ التنظيم أولى السدود المائية ومحطات الكهرباء والمياه أهمية كبيرة لما في الأمر من قدرة على التحكم بالحياة البشرية لعشرات الملايين من البشر، وفي هذا الخصوص لا بدّ من القول إنّ النفط الذي تستخرجه داعش تبيعه لتركيا بسعر 10 دولار للبرميل، فيما تبيعه تركيا بـ40 دولار أدنى بكثير من سعره الحقيقي، وهذا ما يؤكد أنه الى جانب تقسيم المنطقة تتّم عملية نهب غير مسبوقة لثرواتنا وخيراتنا تحت نظر المجتمع الدولي.
3- العناية بالجانب الإعلامي وإعطاؤه أولوية كبيرة لنشر أفكار تنظيم داعش وبثّ حالة الرعب والذعر والخوف، بحيث صار صيت التنظيم يسبق وصول مقاتليه الذين باتوا يسيطرون بسهولة على أي مكان يقصدونه، إشارةً الى أنّ مواقع التنظيم ومواده الإعلامية يديرها عشرات المتخصصين وربما المئات بشكلٍ محترفٍ يتجاوز التشغيل العادي، وفي هذا الجانب يبرز أمر هام جداً وهو أن أيّاً من إدارات الشبكات والمواقع لم يُقدم حتى الآن على حجب مواقع داعش التي تتضمن خرقاً لمعايير هذه المواقع، وخصوصاً في الترويج لفكر التنظيم والمشاهد الفظيعة التي تنتشر على كل المواقع من غوغل الى يوتيوب الى فايسبوك الى تويتر وغيرها.

ويبقى أنّ الهدف الأساسي لهذا التنظيم وكلّ ما جرى قبله منذ انطلاق "الربيع العربي" هو تقسيم المنطقة الى كيانات طائفية ومذهبية وإثنية، لترويج يهودية "إسرائيل" وبسط سيطرة "إسرائيل الكبرى" الاقتصادية والفكرية.

وداعش ليست وليدة اللحظة أبداً، وإن كان يشغّلها حاليًا الأميركي أو القطري أو التركي فإنّ المسؤولية الأساسية في وجودها تقع على عاتق السعودية التي احتوت المنهج الوهابي وعملت على ترويجه في صفقة تمت عام 1744 ميلادي من خلال تعاون أمير الدرعية، شمال غرب الرياض، محمد بن سعود بن مقرن بن مانع ال سعود، مؤسس الأسرة السعودية وإليه تنسب، في أوائل القرن الثاني عشر الهجري مع إخوانه على بسط نفوذهم في هذه المنطقة، وفي ذلك الوقت ظهرت الدعوة السلفية، داعيةً للتوحيد الخالص والتخلص مما يرى بأنه من الشركيات والبدع. وهو الوقت الذي رآه الأمير محمد بن سعود مناسبًا لإبرام اتفاق الدرعية بينه وبين الشيخ محمد بن عبد الوهاب خلال لقائهما سنة 1744 ميلادي، وهو ما يمثل بداية تحول كامل في حياة نجد، وإعدادها لمستقبلٍ جديد.

ولم يتوقف هذا الفكر عن ترويج نفسه ونشر أفكاره، والجميع يعلم التدخل والدعم السعودي المباشر في أفغانستان وقصة إنشاء القاعدة وما تلاها من أحداث ما زالت تتفاعل حتى اللحظة وتُنتج كل فترة شكلاً جديداً يتناسب مع طبيعة المرحلة، فداعش هي الإبن الشرعي للقاعدة التي انتشرت في العراق بعد الاحتلال الأميركي، القاعدة التي كان لها الدور الكبير في شقّ الصف العراقي وما زالت حتى اللحظة تنفذ ما يخدم الأميركي بخصوص النفط والصهيوني الذي يفتش عن التوسع في أسلوبٍ مشابه تماماً لأسلوب داعش.

ممّا لا شكّ فيه أنّ المشروع ما زال مستمراً ويسير بسرعة كبيرة وقياسية ولا نستطيع أن ندّعي أنه على مشارف الهزيمة، الاّ أنّ تحولات كبيرة حصلت منذ بداية الهجمة تمشي بعكس رغبات المخططين تتمثل بالإنجازات التي يحققها الجيش السوري تباعاً، والخطوة الالتفافية التي تمّت في العراق لتصحيح مسار العملية السياسية، وبالطبع ما يحصل في غزّة.

وإن كانت داعش الصغرى المتمثلة بتنظيم داعش والعديد من داعميها الصغار من مترددين ومكابرين ومشاركين في تحقق إنجازات وانتصارات، فإنها حتماً تسير الى حتفها لعدم قابلية المشروع الذي تحمله للعيش ولتوسيع دائرة الأعداء والمتضرّرين ولتناقض هذا المشروع مع حقائق التاريخ ومنظومة عمرها آلاف السنين لحضارات تعايشت مع بعضها ولا تستطيع مغامرة كمغامرة داعش أن تلغيها لا ببطش ولا بقتل ولا بغيره، ولا أقول هذا الكلام إلا لإدراكي أنّ قيادة محور المقاومة قد أخذت قرارها وحسمت أمرها من غزّة الى الموصل.

وستدرك داعش الكبرى، وأعني أميركا ومن يدور بفلكها، أنها لن تستطيع لا بداعش ولا بغيرها أن تقتلع أناساً قرروا الدفاع عن وجودهم.
نعم إننا أمام معركة وجود بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، وليس الأمر اليوم للمناقشة الا مع من اقتنع بالأمر، أمّا الذين ما زالوا يكابرون فسيتمّ تجاوزهم إقله إن لم يصطّفوا الى جانب المخططين للهجمة، حينها سينالهم ما ينال أسيادهم.

ختاماً، قناعتي أنّ "إسرائيل" باتت أصغر مما تتصور ويتصورها البعض ولن يكون في المستقبل لا "إسرائيل" صغرى ولا كبرى، الأمر نفسه ينطبق على داعش الصغرى التي ستذهب ومعها كل مكونّات داعش الكبرى.

سلاب نيوز

الوسوم (Tags)

سورية   ,   تركيا   ,   داعش   ,  

اقرأ أيضا ...
تعليقات حول الموضوع
  2014-08-17 20:08:38   شاورما الشقفة
عاد "الشقفة" الى تحليلاته التافهة التي لاتساوي قيمة شعر ذقنه العفنة . تذكروا تصريحات الشقفة في بداية الاحداث .. قال الشقفة لامرأته إنه سوف يأكل الشاورما خلال شهر في الشيخ سعد في دمشق بعد ان ينهار النظام لكن ماذا حدث للشقفة ؟؟ إنه لازال ينتظر الشاورما هو ورفاقه الاخونجية من أمثال البيانوني آكل الكنافة في تركيا , وسوف ينتظر الى ان تخرج روحه لكننا نجهز له سندويشة من نوع آخر انها شاورما ملفوفة بالصرماية العتيقة وقد نسمح له بقطعة من البوط العسكري .... ونحن بشوق كبير لنراه يأكلها هو وشلته القذرة من الاخوان .
مواطن سوري  
  2014-08-17 08:08:51   بلاتعليق
داعش هي نهاية المطاف في الربيع العربي الربيع الصهيوني الامريكي الذي لم يخرب البلاد العربيه فقط بل وخرب النفوس العربية وامات كرامتها وعزتها واسلامها , ولكن مهما تعاظم هذا التنظيم سيوءد قريبا".
مجد كيالي  
  2014-08-17 08:08:56   احلام داعشية
وداعش مثل نظيرتها إسرائيل لم يكن ممكنا أن تقوم بمشروعها دون غطاء غربي صريح عبر غض النظر عن تمددها وتمدد جريمتها حيث إن تركيا (التي تمثل الناتو في رعايتها لداعش) كما هي أمريكا لإسرائيل.. وهي العش الذي تفقس فيه البيوض تحت عين الناتو نفسه. وإن داعش تدمر كل هوية المنطقة وتفتك بكل مذكرات المنطقة ولكن كل هذا سيكون سرابا" وسيدمر في القريب العاجل .
يوسف زمرد  
  2014-08-17 08:08:24   لتحريض السلفي
التحريض السلفي الذي اتبعه مشايخ الفتنة أوصل العالم باسره الى ايجاد حقيقة حول من يقف وراء داعش ولم يكن من المستغرب الاعتراف بوجود يد سعودية كافرة وراء هذا التنظيم ولكن بمساعي امريكية ويهودية مسيطرة .والنتيجة هاهي هنا تظهر لابعاد كل الشكوك عن صناعة سوريا لداعش وغيرها .
زكي منصورة  
هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟
ملاحظة : جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا علاقة لموقع دام برس الإخباري بمحتواها
الاسم الكامل : *
المدينة :
عنوان التعليق : *
التعليق : *
*
   
دام برس : http://sia.gov.sy/
دام برس : https://www.facebook.com/Syrian.Ministry.Culture/

فيديو دام برس

الأرشيف
Copyright © dampress.net - All rights reserved 2024
Powered by Ten-neT.biz