Logo Dampress

آخر تحديث : الخميس 28 آذار 2024   الساعة 15:42:51
دام برس : http://alsham-univ.sy/
دام برس : http://www.
المجتمع المدني ... المصطلح الشائك

دام برس - بلال سليطين:

يطلق الكثيرون على المجموعات الشبابية وغير الشبابية التي ولدت في خضم الأزمة السورية مصطلح المجتمع المدني، وهو مصطلح قل تداوله في سورية قبل العام ٢٠١١ ولولا مناداة بعض النخب السورية خصوصا المعارضة منها بالمجتمع المدني لما كنا سمعنا به نهائيا في تلك الظروف.

والمجتمع المدني كمسمى يطلق عالميا على مجموعة المنظمات التطوعية، التي تملأ المجال العام بين الأسرة والدولة، لتحقيق مصالح أفرادها ملتزمة بذلك بقيم ومعايير الاحترام والتراضي والتسامح والإدارة السليمة والتنوع والاختلاف.

وهذا المجتمع ليس ذو طبيعة اجتماعية واحدة فهو قد ينتج عن تفاعل بين قوى مجتمعية مختلفة، وقد يشهد تنافسا من جهة وتعاونا من جهة أخرى تبعا للقوى الموجودة فيه واختلافها من حيث المصالح والتصورات.

والمجموعات التطوعية في سورية بأغلبها وقعت في فخ تضارب المصالح على ما يبدو فتخلت عن التعاون وحتى التنافس في سبيل خدمة مجتمعها والنهوض به وانتقلت إلى الحرب فيما بينها وهي حرب يصح القول عنها أنها حرب (الحفر وتكسير المجاديف).

حقيقة إن للمجتمع المدني دورا أبعد بكثير من مجموعة العمل الصغيرة كالمجموعات الشبابية والجمعيات أو بمعنى أدق الرابطة الاجتماعية، فهو مرتبط بالقانون كمفهوم ونظام حياة إيجابي ينظم حياة البشر، ومرتبط أيضا بالعقد الاجتماعي، وبالتالي فإنه أي المجتمع المدني كلفظ يتطابق تماما مع لفظ الدولة وهو أمر يتفق عليه الباحثون في هذا الشأن، فهو الحارس الأمين والمعزز للدولة ومؤسساتها والناهض بالمجتمع والأفراد.

وللمجتمع المدني عناصر رئيسية أو شروطٌ يتكون منها وهي المعيار الذي من خلاله يمكننا تقييم الواقع السوري ومدى وصولنا للمجتمع المدني الحقيقي:

العنصر الأول هو الفعل الإرادي التطوعي وهذا العنصر متوفر وبكثرة في المجتمع السوري، وهو يشكل نواة جيدة لمجتمع مدني فاعل جدا، حيث أن الفعل الإرادي التطوعي هو إعلان حقيقي عن الارتقاء فوق العشيرة والقبيلة، حيث يختار الإنسان هذا الفعل اختيارا بينما في القبيلة والعشيرة يفرض الفعل فرضا.

العنصر الثاني هو التنظيم أي العمل بطريقة منهجية ووضع معايير يقبل بها الأفراد والجماعات المنتسبين للتنظيم، وأعتقد أن هذا العامل مفقود في المجموعات المولودة في الأزمة السورية، فهي تفتقد كثيرا للتنظيم والمنهجية، وتعمل بارتجال في كثير من الأحيان.

ثالث العناصر وأخطرها وهو العنصر الأخلاقي السلوكي، ويتضمن قبول الآخرين وحقهم في أن يكونوا منظمات مدنية، وهذا نفتقده بوضوح في مجتمعنا حيث لا قبول للآخر وصراع يمكن القول عنه أنه صراع مصالح، فصفحات التنظيمات التي تدعي المدنية تعج بإلغاء الآخر وتفشيله وعدم الاعتراف بدوره، وكل تنظيم ينظر لنفسه على أنه حامي البلد وصاحب الفضل في بقاء الدولة وولاء الناس لها.

الاستقلالية هي العنصر الرابع والمفقود لدى معظم المنظمات أو المجموعات العاملة في هذا الشأن فهي بمعظمها تتبع لأفراد يمولون عملها ويبيضون صفحتهم من خلالها، ويوجهونها كما يشاؤون مما يفقدها دورها ومصداقيتها في كثير من الأحيان، وكثيرا ما تسقط هذه التنظيمات والمجموعات في فخ السياسة واصطفافاتها.

‌وقد جاء في شرح عنصر أو مفهوم الاستقلالية: هي عنصر أساسي لتمكين منظمات المجتمع المدني من القيام بدورها وتحقيق أهدافها، واستقلالية منظمات المجتمع المدني تتطلب استقلاليتها تنظيميا وإداريا وماليا عن إدارات الدولة الرسمية، وهذا ما يميزها عن إدارات الحكومة والمؤسسات العامة، وفي كل الأحوال يجب أن تكون استقلالية منظمات المجتمع المدني بأبعادها المختلفة حقيقة واقعية وليست مجرد استقلالية شكلية فقط من حيث الأطر التنظيمية والهيكلية والأنظمة الداخلية لتلك المنظمات، بل يجب أن تكون هذه الاستقلالية ممارسة على ارض الواقع.

أما عنصر الشفافية فهو من أهم ما نحتاجه حيث يجب أن تكون الرسالة واضحة وكذلك الأهداف بالإضافة لمصادر التمويل ومشروعيتها، كما يجب أن يكون هناك آلية واضحة لمساءلة القائمين عليه ومحاسبتهم.

آخر العناصر هو المصداقية ففي استفتاء أجريناه على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي تبين أن ٥ من ١٠ لا يثقون بالمنظمات والمجموعات العاملة في المجتمع المدني بينما ٣ من أصل ١٠ عبروا عن ثقتهم بها، أما البقية ٢ من ١٠ فكان رأيهم يتراوح بسن الثقة أحيانا وعدم الثقة أحيانا أخرى.

للمجتمع المدني مكونات بعضها متفق عليه وبعضها غير متفق عليه، حيث يتفق الباحثون على: المنظمات غير الحكومية، النقابات والتنظيمات المهنية، الاتحادات العمالية، النوادي ومراكز الشباب، المنظمات الشعبية الحركات الاجتماعية.

أما غير المتفق عليها فهي: الأحزاب السياسية، الصحافة الحرة المستقلة.

لكن هذه المكونات المتفق عليها تعتبر غير كاملة المعايير في مجتمعاتنا، حيث أن النقابات والتنظيمات المهنية، الاتحادات العمالية وحتى النوادي والمنظمان الشعبية تعتبر حديقة خلفية لأنظمة الحكم وتدار من أروقتها وحسب مصلحتها وليس حسب حاجة المجتمع، وهذا ما يفرغها من مضمونها ويجعل من دورها هامشيا، وله نعزو مطالبات الكثيرين في عدد من الدول التي أصابتها أزمات في منطقتنا لحل هذه المنظمات وإعادة تشكيلها ومنحها الاستقلالية.

الحد من دور منظمات المجتمع المدني والسيطرة عليها سببه الدور الذي ممكن أن تلعبه في قيادة الرأي العام وتوجيهه.

إن للمجتمع المدني دورا هاما جدا في النهوض بالدولة والأمة إلى مصاف الدول المتقدمة، لكن للمجتمع المدني معايير ومواصفات هل نلتزم بها؟ هل هي بصورة جيدة؟ هل يوجد مجتمع مدني حقيقي لدينا؟ أعتقد أن علينا إجراء مراجعة شاملة للمجتمع المدني في سورية ودوره ومدى التزامه بالمعايير والمواصفات التي تضمن له أداء الدور المطلوب منه، وهذا لايلغي الجهد المدني الذي بذله كثيرون خلال الأزمة السورية، فقليل من الدراسة والتقويم من الممكن أن يصحح الكثير من الأخطاء ويقدم الكثير من الفائدة.

الوسوم (Tags)

المجتمع   ,   السورية   ,   الأزمة   ,  

اقرأ أيضا ...
هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟
ملاحظة : جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا علاقة لموقع دام برس الإخباري بمحتواها
الاسم الكامل : *
المدينة :
عنوان التعليق : *
التعليق : *
*
   
دام برس : http://sia.gov.sy/
دام برس : https://www.facebook.com/Syrian.Ministry.Culture/

فيديو دام برس

الأرشيف
Copyright © dampress.net - All rights reserved 2024
Powered by Ten-neT.biz