دام برس:

تلاحظ الحكومة الإسرائيلية أن الأطراف الحليفة لها في أي تنسيق أو عمل علني أو سري مشترك ضد سورية بدأ يقل عددها، فإردوغان في تركيا يتدهور وضعه بشكل متسارع والمملكة الأردنية ما تزال تحت تأثير غليان شعبي ضد كل تعاون مع اسرائيل.
وعلى جبهة حلفاء سورية بدأ حزب الله يقلق اسرائيل بقدراته وتصميمه على الدفاع عن سورية وحماية لبنان من أي اعتداءات اسرائيلية محتملة، وتحولت العراق إلى جبهة مشتركة مع سورية ضد مجموعات الإرهاب بينما تشكل طهران الداعم الإقليمي الأكبر لهذه الجبهات من سورية إلى حزب الله إلى العراق بشكل ما.
وأمام هذا الوضع الإقليمي المجاور تشعر إسرائيل يوماً تلو آخر أن هامش العمل الإسرائيلي العلني المباشر ضد سورية بدأ يضيق نسبياً ولا تستطيع بعد أشهر أو أكثر أن تضمن القيام بنفس التكتيك العسكري الذي نفذته ضد سورية في العام الماضي قرب جبهة الجولان، وعن طريق قصف لا يعترف بمسؤوليته على غرار ما فعلته ضد مركز البحوث سابقاً.
وهذا ما يشير إليه قائد سلاح البحرية السابق (اليزير ماروم) في تحليل علني حين يقول أن (الأسد لا يعطي أهمية للردع الإسرائيلي لأنه يعتمد على تحالفه المتين مع إيران وقوات حزب الله، وأنه يدرك ما يوفر التحالف مع روسيا من طمأنينة وقوة)، ويستخلص (ماروم) من هذه المقدمة نتيجة يدعو فيها اسرائيل إلى محاولة احتواء التوتر مع سورية وعدم نقله إلى درجة التصعيد العسكري، لكن باراك وزير الدفاع الإسرائيلي السابق رغم ذلك يحذر في ندوة للدراسات الاستراتيجية من السكوت عن تزايد قدرة سورية وحزب الله في مجال الصواريخ ويقول: أن هذين الطرفين يمكنهما الحصول على تكنولوجيا توفر لهما دقة عالية في تصويب الصواريخ نحو أهدافها في المستقبل القريب، ولذلك لا يتوجب انتظار هذه النتيجة لمدة طويلة.
وبالمقابل ما تزال اسرائيل تدرس مضاعفات حققتها موسكو في اوكرانيا على ميزان القوى في الشرق الأوسط، فقد كشف بعض المحللين الإسرائيليين أن قادة المنظمات اليهودية الأمريكية يفضلون أن تتريث اسرائيل في اعلان دعمها لسياسة أوباما ضد موسكو في اوكرانيا لأن مثل هذا الموقف سوف يدفع بوتين إلى زيادة الدعم الروسي لإيران وسورية، فالإرتباك الذي يظهر على السياسة الأمريكية أمام مواجهة موسكو سيزيد من تصميم سورية على تصعيد حربها الداخلية ضد المجموعات المسلحة وضد أي طرف خارجي يشتبك مع جيشها في جبهة الجولان أو قرب حدود سورية مع الأردن.
ويبدو أن توقيت زيارة (مارتين ديمبسي) رئيس أركان الجيوش الأمريكية إلى اسرائيل لعدة أيام من أجل عقد اجتماعات مع القيادة الإسرائيلية يرتبط بمضاعفات ما جرى في اوكرانيا على التغيرات المقبلة في ميزان القوى الإقليمي، فالإدارة الأمريكية بدت منشغلة في مناطق كثيرة بسبب التطورات التي وقعت في اوكرانيا وأرسلت مبعوثين إلى دول مجاورة لحدود روسيا في قرغيزيا، وفي قازاخستان وتعهد حلف الأطلسي بتعزيز قدرات دول البلطيق المجاورة لروسيا وحمايتها بعد أن أشاع خوفاً لا مبرر له بإحتمالات أن تحتل روسيا بعض المناطق في لاتفيا أو أوروبا الشرقية.
وتخشى واشنطن من أن تبدأ روسيا باستخدام عدد من أوراق قوتها وتحالفاتها في المنطقة في الصراع المتصاعد بينها وبين واشنطن وتفاعلاته المتنوعة.
ولذلك حذر (اليكسندر ماليفاني) أحد المسؤولين العسكريين في موسكو من أن أوباما يسعى إلى خلق هيستريا الخوف من روسيا بعد أزمة اوكرانيا لكي يضعف قدرات ونفوذ روسيا في منطقة ذات أهمية حيوية قرب حدودها.
ويمكن الاستنتاج بأن القيادة الإسرائيلية ستأخذ بالحسبان كل هذه التطورات لكنها ستركز في الوقت نفسه على العمل الاستخباراتي داخل المجموعات المسلحة وتوظيف دورها في الحرب الداخلية بهدف إشغال سورية قيادة وجيشاً في هذه الحرب...
فإسرائيل ستحمل كل ما في جهدها من أجل عدم عودة الاستقرار الأمني الداخلي أو عبر الحدود السورية، فالسنوات الثلاث التي مضت على هذه الحرب وفرت للقيادة الإسرائيلية اختراقاً استخباراتياً داخل عدد من المجموعات المسلحة سواء بشكل مباشر أو غير مباشر.

مدير مركز دمشق للدراسات الاستراتيجية
         د. بسام أبو عبد الله