Logo Dampress

آخر تحديث : الخميس 28 آذار 2024   الساعة 21:37:24
دام برس : http://alsham-univ.sy/
دام برس : http://www.
الشهيد زياد ناصيف ... استبسالٌ في الدفاعِ عن مطارِ تفتناز

دام برس :

لا يزالَ العمُ أبو وفيق يتمسكُ بعمودِ ذلكَ البناء، كأنهُ العمودُ الفقري له ولعائلته، كأنه عكازُه الذي يتكأ عليه بعدَ أن أنهكته أحزانُ الحياةِ إلى أن أخذت منه أعزّ أبنائه. هذا البناءُ للشهيد زياد ناصيف، لم يكمل بناءه، بدأ به منذُ سنوات، كان ينوي أن يتزوج ويبني مستقبله مع عروسه، لكن الشهادةَ اختارته ليكونَ عريساً لها، زُفّ إلى وطنه سورية، بينما لم يستطع أهله أن يزفّوه.

 

على بعدِ أمتارٍ قليلةٍ من هذا البناء يسكنُ أهلُ الشهيد، اصطحبونا معهم برحلةِ الفخر والكرامة، عائلةٌ طيبة، كريمةٌ، محبةٌ، شرفونا بلقائهم وكانَ لنا هذا الحديث:

الشهيد زياد محمد ناصيف مواليد 1980 قرية بسقاية ـ منطقة القدموس ـ محافظة طرطوس.

والدُ الشهيد، العم أبو وفيق: ماذا تمثّلُ الشهادةُ بالنسبة إليك؟

الشهادةُ قيمةُ القيم وذمةُ الذمم كما قال القائد الخالد حافظ الأسد، والشهادةُ عظمةٌ وتقديرٌ من الله عزّ وجل، وكما في قوله تعالى:

"وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ" صدق الله العظيم.

وقوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ" صدق الله العظيم.

أنا افتخرُ بشهادة ابني في سبيلِ الوطن، لكن أشعرُ بأن هناك تقصير، على الرغم من إيماننا بأنَّ الروحَ خالدةٌ عند الله عزّ وجلّ، لكن نتمنى أن ندفنه، حتى الآن لم يأتِ جثمانه.

والدةُ الشهيد... كيفَ كان وقعُ خبرِ استشهادِ ابنك؟

لم تستطع والدةُ الشهيد ذات العينين الدامعتين المتعبتين أن تنطقَ إلا بالرحمة. كلماتها أحرقتها الدموع، وغصَّ حديثها بألمِ الفراق، ودعتْ له ولكلّ شهداءِ سورية الشرفاء بالرحمة.

أشقاءُ الشهيد:

مسيرةُ الشهيد زياد حافلةٌ بالتضحيات

شقيق الشهيد وفيق: الشهيد كان يخدمُ بمطارِ تفتناز في محافظة إدلب، هل تشرح لنا قصةَ استشهادِ أخيك؟

لا أعرف من أين أبدأ؟ القصصُ كثيرةٌ وحافلةٌ بالفخرِ والكرامة، عندما اشتدت الأزمة خاصة في بداية عام 2012 كانَ الهجومُ على مطار ِتفتناز متكرراً. كانَ المسلحونَ يهجمونَ بأعدادٍ كبيرةٍ ما يقارب 2000 مسلح، وكانوا يطلقونَ على هجومهم تسمياتٍ عدّة.. "القادسية -1" و"القادسية -2"، وفي المرحلة الأخيرة عند استشهاده كان اسمها "القادسية 3".

كانَ الشهيدُ ورفاقُه يتولونَ حراسةَ المطار، ولم يكنْ لديهم (دشم)، الشهيد هو من اخترعَ فكرة صنع (الدشم) من علبِ الذخيرةِ الفارغة وملئها بالتراب، وتمّ تعميمُ ذلكَ على مستوى المطار.

كانَ الشهيدُ ضابطَ رياضة بارع جداً، له صورٌ ووثائقَ تدلُّ على براعتهِ، قام َبقتل 50 مسلحاً خلالَ الهجومِ الأخيرِ قبلَ استشهادهِ.

في آخرِ هجومٍ في بدايةِ سنة 2013 حانَ دوره بالإجازة، لكنهُ رفضَ القدومُ إلى القرية طالما أن هناك هجوماً متكرراً على المطار، وقامَ بتأجيلِ إجازتهِ لمشاركةِ رفاقهِ بالدفاعِ عن المطار، وكانَ كلامهُ دائماً لن أتخلى عنكم في هذا الوقت بالذات.

في 9/1/2013، استشهدَ بإطارِ الدفاعِ عن المطار بعد الهجومِ الأخيرِ للمسلحين فيما سمي بـ "القادسية -3".

ظهرت صورةٌ على "الإنترنيت" لجثمانِ الشهيد بأحد الطيارات، هل هذهِ الصورة صحيحة؟

نعم الصورةُ صحيحة وفق ما أخبرنا به أصدقاء الشهيد، بعدَ الهجومِ أصيب وتمّ وضعهِ في الطائرةِ لإسعافهِ لكنّ الطائرةَ سقطتْ وارتقى مع سقوطها إلى العلياء. وحتى تاريخِ هذه اللحظة لم نتمكن من دفنهِ أو دفنِ أي شيءٍ يخصّ جسده.

الشهداءُ... مدارسٌ في التضحيةِ والأخلاقِ والوفاء

شقيقُ الشهيد، رياض: لو تذكر لنا أهمَ مناقبِ وإنجازاتِ الشهيدِ على الصعيد المهني والاجتماعي؟

كُلّفَ الشهيد بضابطِ رياضة في المطار، إضافةً إلى اختصاصهِ كضابطِ إشارة، كانَ من الضباطِ المتفانين بعمله، حازَ المرتبة الأولى لثلاثِ مراتٍ على مستوى القوى الجوية باختصاصِ الرياضة، كما نفّذ بيانين رياضة استحقَ عليهما المرتبة الأولى.

كانَ الشهيدُ مدرسةً في الوفاءِ والتضحية، أخلاقه ومناقبه كانت مشروع شهادة، أما في المحيط الاجتماعي فكان متميزاً، إنساناً كريمَ النفسِ والأخلاق، عفيفاً، طاهراً، شريفاً، محباً لا يحمل أي ضغينة أو حقد، شعارُه بالحياة إن أحبَّ أحدكم عملاً عليه أن يتقنه.

هل كانت الشهادة حلماً بالنسبة إليه؟

عندما بدأتْ الأزمة كانت مقولتُه الدائمة: الشهادةُ أو النصر، استشهدَ أخي والنصرُ إن شاء الله قريب.

كانَ يؤكّد أنه خلالَ هذه الأزمة لا مجالَ للتخاذل، حتى إنه في آخر إجازة له أخبر أخته بأشياءٍ كثيرةٍ تدلُّ على أنه يهييء نفسه للالتحاقِ بمواكبِ الشهداء، من خلالِ حذفهِ للكثيرِ من الصورِ على هاتفهِ المحمول، أو حتى تبرئةِ ذمتهِ من أي شيءٍ في القرية، وكما أخبرنا أصدقاءُ الشهيدِ لم يكن هناك هجومٌ على المطارِ إلا وكانَ من أوائلِ الذين يذودون عنه.

كنا خمسةَ شبابٍ في العائلة. وأصبحنا أربعة، وبإذن الله الأربعة جاهزون لتلبيةِ نداءِ الوطن عندما يحتاجنا.

 

بالعلمِ والمعرفةِ تنهضُ الأممُ والشعوب

شقيقةُ الشهيد، أحلام: علمتُ أنكِ افتتحتِ روضةً صغيرةً في منزلكم وأسميتها باسم الشهيد زياد ناصيف، ما هدفكُ من ذلك؟

كانَ هدفي الأول: تخليدُ اسم الشهيد، وثانياً: تعليمُ الأطفالِ الذين تيتموا وفقدوا آباءهم نتيجةَ الأحداثِ الأخيرةِ في سورية، لقد رغبتُ تعليمَهم معنى التضحيةِ والشهادة، وغرسَ البسمةِ والأمل وحبّ الوطن في قلوبهم.

ولأنّ الشهيدَ مثّل مدرسةً بالنسبة لي، ولمعرفتي بأن بالعلمِ تنهضُ الأممُ والشعوب، وتستطيع تجاوزَ أزماتِها، أردتُ أن أساهمَ في تأسيسِ جيلٍ متعلمٍ منهُ الطبيبُ والمهندسُ والمدرّسُ والضابط، فالوطنُ بحاجةٍ إلى هؤلاءِ الأطفال لبناء المستقبل.

شقيقةُ الشهيد، روضة: ماذا فقدتِ بفقدانِ أخيك؟

كانَ الشهيدُ بالنسبة لي الأخَ والصديقَ والرفيق، علمني أشياءً كثيرة، علمني الحبَ والتضحيةَ والمصداقيةَ والوفاءَ والإخلاص، كانَ مثلاً أعلى يحتذى به، الرحمةُ لروحهِ ولكلّ أرواحِ الشهداء الشرفاء.

الشهداءُ يستحقونَ كلَّ الاهتمامِ والتقدير

وفي سؤالنا عن أهمِ الصعوباتِ أو المشكلاتِ التي يريدون تسليطَ الضوءِ عليها أجاب شقيقُ الشهيدِ وفيق:

نعلمُ بأن توجيهات السيد الرئيس لكل المسؤولين والمعنيين بأن يلقى ذوي الشهداء أفضلَ تكريم وخدمة، وتلبيةَ كلّ احتياجاتهم، لقد تمّ تكريمنا مرتين فقط لا غير، ولولا مطالبتنا بذلك لم يذكرنا أحد، إضافةً إلى أن هناك قراراً بتسميةِ مركزٍ للاتصالاتٍ في قرية "الجماسة القبلية" في منطقة القدموس باسمِ الشهيدِ زياد ناصيف، ربما تأخر الأمر بعض الشيء لكن نشكرُ كلّ من ساهم بإصدار هذا القرار وتنفيذه، أيضاً منْ منحِ التكريمِ توظيف أحدَ أفرادِ عائلتي وهذا ما يعزّز ثقة أهالي الشهداء بتوجيهات وتوصيات القيادة الحكيمة.

أودُّ أن أضيفَ أمراً: أثناءَ الهجومِ على المطار، قبل شهرين من استشهادهِ في عام 2012، أخبرنا هو وزملاؤه أنه حصلَ على تكريمٍ من السيد الرئيس، من خلال قرارٍ كرّم فيه بعض العناصر والضباط وكانَ اسمهُ مدرجاً بالقرار، لتفانيهم بالدفاعِ عن المطارِ خلالَ إحدى المواجهات مع المسلحين، نتمنى الحصولُ على نسخةٍ منه لرمزيته، فهو يشكّلُ وسامَ فخرٍ نعلقه ُعلى صدورنا كونه قرارٌ صادرٌ عن القائدِ العام للجيش والقوات المسلحة.

وبطيبةِ أهلِ القرية، رغم َجرحهِ العميق، أرادَ العمُ أبو وفيق والدُ الشهيد أن يودعنا على طريقتهِ الخاصة، حيثُ ردّدَ أبياتَ "عتابا" حزناً على فراقِ ولده:

يا طير خذني وعلّي  ع. فوقهم يلي حطو بقلبي علة

أمانة حطني علّي   جرح قلبي وغاب

وأضاف:

نزل ع.البحر تـ. يصيد سمك ولولو  ناس كتير ع.فراقك يا غالي ولولو

لولا العمر يخلص ولولا القدر      ما غابو الحباب

في الختام شكرتْ عائلةُ الشهيد مؤسسة "دام برس" الإعلامية على اهتمامها ولفتتها الكريمة، وتمنتْ عليها أن تكونَ صوتَ أهالي الشهداء، للمساعدة في حلِّ مشكلاتهم، ونحن بدورنا نشكر تلكَ العائلةِ الكريمةِ، ونشكرُ حسنَ استضافتِهم ونبلَ أخلاقهم وسعةَ صدرهم.

أجرى الحوار : سهى سليمان

الوسوم (Tags)

دام برس   ,  

اقرأ أيضا ...
تعليقات حول الموضوع
  0000-00-00 00:00:00   إيمان وصبر
سبحان الله رغم فقدانهم لأفلاذ أكبادهم إلّا أنهم مصرون على المتابعة حتى النصر وفخورون بشهادة أبنائهم وصابرون على فجيعتهم إنطلاقامن قوله تعالى :بسم اللّه الرحمن الرحيم (اصبروا إنّ الله مع الصابرين)
لما المحمد  
  0000-00-00 00:00:00   رحمه الله
عطاء وتضحية لا حدود لها يبذلها شهداؤنا أكرم من في الدنيا رحم الله شهداء هذا الوطن
منى  
  0000-00-00 00:00:00   التحية لكم
أين أنتم أيها العرب مما يحدث، شهداؤنا يقدمون أرواحهم ليدافعو عن وطنهم، وأنتم تدفعون بأموالكم وإرهابكم لكي تدمروا البلد... وهناك أناس يهتمون بمشاكلهم الخاصة ويهتمون بأمور تافهة وينسون ما يحدث في بلدهم وما يقدمه الجيش من تضحيات
زاهر محمد  
  0000-00-00 00:00:00   بهم نسمو
تحية لهم ولكل عوائل الشهداء الذين يقدمون أولادهم للذود عن حياض الوطن
مريم علي  
  0000-00-00 00:00:00   شهداء الوطن نجوم تنير دروب الاجيال
لادموع ولا ابتهالات تكفي لتخليدهم اتمالك نفسي رهبة وهيبة في مخراب حروفك يا سليلة الامجاد
قاسم المشرفاوي  
  0000-00-00 00:00:00   البداية
لن ينتهوا شهدائنا ولن ننتهي , الرحمة لأرواح شهدائنا الأبرار والنصر لوطننا الغالي
رامز علي حسين  
  0000-00-00 00:00:00   الله يرحم شهيد الوطن
الله يرحمك يا شهيد الوطن البطل زياد ناصيف
آصف سليمان  
  0000-00-00 00:00:00   رجل من رجال الله
لنا الفخر ان يكون جثمان الشهيد احتضنته كل الأراضي السورية و تطهرت بدمائه الطاهرة .. و مكان كل نقطة دم ستزداد شقائق النعمان احمرارا الرحمة للشهيد. و الموت للظلاميين
محسن غانم  
  0000-00-00 00:00:00   الشهداء اكرم من في الدنيا وانبل بني البشر
الله يرحمك و يرحم جميع شهداءالوطن
آصف سليمان  
  0000-00-00 00:00:00   الرحمة للشهداء
الله يرحم الشهيد زياد ويرحم جميع شهداء الجيش العربي السوري ويصبر ذويهم
ليندا  
هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟
ملاحظة : جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا علاقة لموقع دام برس الإخباري بمحتواها
الاسم الكامل : *
المدينة :
عنوان التعليق : *
التعليق : *
*
   
دام برس : http://sia.gov.sy/
دام برس : https://www.facebook.com/Syrian.Ministry.Culture/

فيديو دام برس

الأرشيف
Copyright © dampress.net - All rights reserved 2024
Powered by Ten-neT.biz