Logo Dampress

آخر تحديث : الجمعة 19 نيسان 2024   الساعة 22:16:33
دام برس : http://alsham-univ.sy/
دام برس : http://www.
إفلاس الولايات المتحدة .. ورحيل الطبقة الوسطى
دام برس : دام برس | إفلاس الولايات المتحدة .. ورحيل الطبقة الوسطى

دام برس- إيرينا الشرع :
تشكل مدينة ديترويت التي سحقتها الحقبة الصناعية مؤشراً على السياسات الرأسماليةـ الإشتراكية التي ستقود قسماً كبيراً من البلدان الأوروبية إلى نهاية مسدودة، لنلق نظرة على ديترويت المنكوبة وإلى ما ستؤول إليه أوروبا الغد.

عرفت مدينة ديترويت نهوضاً صناعياً غير مسبوق في التاريخ فقد تحولت خلال بضعة عقود إلى مدينة ضخمة يسكنها حوالي 2 مليون نسمة، وذلك بفضل ثلاث من الشركات العملاقة لصناعة السيارات: كرايزلر، فورد وجنرال موتورز، وأحاطت هالات المجد بهنري فورد الذي قدّم على أنه أب الطبقة المتوسطة في الولايات المتحدة.
خمسة آلاف مهاجر من أوروبا كانوا يصلون يومياً إلى محطة ميتشيغان للقطارات التي أصبحت بذلك رمز الازدهار في الولايات المتحدة، وجسدت ديترويت "الحلم الأميركي" خصوصاً بالنسبة للطبقات الشعبية المكونة من السود الأميركيين القادمين من مناطق الجنوب الريفية.
ومع هذا فإن النمو السريع للمدينة أفرز شريحة من السكان المهمشين وغير المتكيفين، وكان أكثر هؤلاء من ذوي البشرة السوداء الذين التحقوا حديثاً بالحياة المدنية، لكنهم لم يتمكنوا من الاندماج اقتصادياً في مدينة كانت تشهد نمواً اقتصادياً سريعاً، وكانت صعوبة الاندماج هذه انعكاساً لما كانت عليه أوضاع تلك الفترة.
في عام 1973 تم اعتماد سياسة يسارية اشتراكية وذلك كواحدة من الحالات النادرة في الولايات المتحدة، ما أدى إلى تشكيل نقابة اتحاد عمال قطاع السيارات الذي ضم مليوناً ونصف مليون من الأعضاء، وقد دعت هذه النقابة إلى العدالة الاجتماعية ولم تتقاعس عن المواجهة مع إدارة مجمعات صناعة السيارات، وأجبرتها على تقديم تنازلات كبيرة في وقت كانت العولمة قد جعلت من العمال في ديترويت الأكثر غناء بين أجراء العالم.
   
رحيل الطبقة الوسطى

بعد العديد من الضغوطات حمل البيض المنتمون إلى الطبقة الوسطى حقائبهم وغادروا المدينة نهائيا ليستقروا في المناطق المحيطة.
وهذا ليس السبب الوحيد  فالضغوطات التي مارستها نقابة عمال السيارات دفعت شركات صناعة السيارات إلى المغادرة نحو أماكن يضعف فيها الوجود النقابي وتقل أجور اليد العاملة.
ومع ذلك، لم يغير رجال السياسة توجهاتهم، حتى مع تحول ديترويت في هذه الأثناء إلى عاصمة للفساد السياسي، وقد استمرت هذه السياسة حتى العام  2007 لتتفاقم مع "الرهون الائتمانية" (بفوائد مستديمة) التي تم منحها إلى الفقراء بهدف تمكينهم من مغادرة البيوت النقالة إلى قصور الأحلام.
وبالمقابل، تحول من تبقى من الطبقة الوسطى إلى بقرة حلوب في خدمة النظام، فالضرائب المحلية أضافت هجرة ضرائبية إلى حركة رحيل العمال الذين تحولوا إلى عاطلين عن العمل، ووضعت المدينة في مواجهة المزيد من النفقات في ظل استمرار تضاؤل العائدات.

ولحسن الحظ، سارعت آلهة المال وول ستريت إلى مد يد العون للمدينة, وساد الاعتقاد بأن ديتروت سيتم إنقاذها، وأن المخلص قد وصل، وأن هذا المخلص يحمل اسم الديون .

خراب ديترويت

تبخرت الطبقة الوسطى في المدينة الأميركية والتي يتكون 90 بالمئة من سكانها من ورثة الحلم الذي راود مارتن لوثر والذي تحول إلى كابوس, وبعد أن كان يعيش فيها مليون إنسان تقلص هذا العدد عام 2013 إلى 675 ألفاً , 40 بالمئة منهم ينوون مغادرة المدينة.
الإفلاسات تعقب أعمال الحجز على العقارات (هذا إذا كان بمقدورنا أن نطلق اسم العقارات على البيوت المبنية، بفضل الرهون الائتمانية، من الجص والكرتون), وتقلص عدد أعضاء نقابة عمال السيارات إلى 300 ألف يقبضون أجوراً في حين أن 600 ألف يحصلون على المساعدات وأكثرهم غادروا المدينة, ديون المدينة وصلت إلى 18 مليار دولار, ولم يبق من الشرطة ورجال الإطفاء والبريد غير الذكريات, وارتفعت نسبة الجنوح فيها من ثلاث إلى خمس مرات بالمقارنة مع المدن الأخرى في الولايات المتحدة, أما نسبة البطالة الواقعية فتصل إلى 30 بالمئة، وأصبحت البلدية عاجزة عن توفير الأموال اللازمة لإزالة الأنقاض أو لجمع النفايات, وتتعرض الكنائس للنهب حيث تنتزع تماثيل المسيح المعدنية ويجري صهرها على عجل قبل بيعها لتجار الخردة.
أما محطة قطارات ميتشيغان التي كانت تستقبل المهاجرين فلم تعد غير مقبرة لأحلام الأميركيين, وفي وضعها كمحطة معدمة ومهجورة فإنها لم تعد تستقبل غير المصورين الذين يأتون لالتقاط صور برسم الأجيال القادمة عن موت مدينة واغتيال طبقة وسطى, وما يزال تمثال هنري فورد منتصباً بانتظار أن يرميه بعض الجانحين أرضاً ويبيعونه لشراء بضع "جرعات من الكوكايين".
المخطط الجديد للمدينة يقوم على تلوين بعض الأحياء باللون البرتقالي أو البنفسجي أو الأصفر, مع التنبيه إلى أن السكان الذين يعيشون في حي تدفع فيه الضرائب هم وحدهم من سيستفيد من الخدمات العامة, أما الباقون فلن يكون أمامهم غير التوجه إلى العصابات الناشطة في المدينة.
عن موقع  interinfo

الوسوم (Tags)

أوروبا   ,  

اقرأ أيضا ...
هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟
ملاحظة : جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا علاقة لموقع دام برس الإخباري بمحتواها
الاسم الكامل : *
المدينة :
عنوان التعليق : *
التعليق : *
*
   
دام برس : http://sia.gov.sy/
دام برس : https://www.facebook.com/Syrian.Ministry.Culture/

فيديو دام برس

الأرشيف
Copyright © dampress.net - All rights reserved 2024
Powered by Ten-neT.biz