Logo Dampress

آخر تحديث : الجمعة 29 آذار 2024   الساعة 11:55:16
دام برس : http://alsham-univ.sy/
دام برس : http://www.
المخدرات وآلة الحرب الأميركية
دام برس : دام برس | المخدرات وآلة الحرب الأميركية

دام برس- ترجمة: إيرينا الشرع
من المعروف أن المخدرات لا تدخل إلى الولايات المتحدة بطرق سحرية  ففي بعض الأحيان يتم إدخال شحنات كبيرة من المخدرات إلى الولايات المتحدة بموافقة أو بالتعاون مع وكالة الاستخبارات المركزية، مثال على ذلك  رامون جوليان دافيلا  مدير إحدى وحدات مكافحة المخدرات التي أنشأتها وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية "سي آي إي" في فنزويلا، والذي اتهم في ميامي بإدخال طن من الكوكايين إلى الولايات المتحدة بطريقة سرية، حسب صحيفة نيويورك تايمز الأميركية  وافقت "سي آي إي"  رغم اعتراضات إدارة مكافحة المخدرات على إدخال طن على الأقل من الكوكايين الصافي عبر مطار ميامي الدولي، وذلك كوسيلة للحصول على معلومات عن مجمعات المخدرات في كولومبيا، وتقول صحيفة وول ستريت جورنال بأن الجنرال دافيلا قد أدخل إلى الولايات المتحدة بطريقة غير شرعية ما مجموعه 22 طناً من المخدرات ومع كل هذا لم تطلب السلطات الأميركية إلى فنزويلا تسليمه لمحاكمته، وعندما أوقف دافيلا في فنزويلا عام 2007 بتهمة التخطيط لاغتيال الرئيس هيغو شافيز كان ملف التهمة الموجهة إليه ما يزال محفوظاً في ميامي ولا عجب في ذلك، فالرجل كان يتعاون مع "سي آي إي. "

شبكة المخدرات التي تديرها سي آي إي لا تقتصر على الولايات المتحدة وفنزويلا حيث  توسعت هذه الشبكة باستمرار خلال فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية، ومن أجل توسيع نفوذها عملت الولايات المتحدة على إنشاء ما يسمى "جيوش الإسناد" بتمويل من مهربي المخدرات المحليين. ففي عام 1950 وتحديدا ما يسمى "عملية بابر" التي تشكلت من  عناصر أنصار شانغ كاي شيك الفارين من الثورة الصينية إلى برمانيا حيث قاموا بتنظيم عمليات تهريب المخدرات في المنطقة لكن عندما تبين أن هذا الجيش لم يكن فاعلاً بالمرة، عمدت "سي آي إي" إلى تشكيل قواتها الخاصة في تايلند، وقد اعترف الضابط المسؤول عن هذه القوات بأنها كانت تمول عملياتها من خلال ضبط كميات كبيرة من المخدرات.
وفي الثمانينيات اتجهت نحو  أفغانستان وأميركا الوسطى وبعدها في كولومبيا خلال فترة التسعينات، قبل العودة مجدداً إلى أفغانستان في العام 2001. ومن يقف وراء ذلك هي الدوائر التابعة لـ سي آي إي، ويحصل عملاء هذه الدوائر على التمويل بفضل ما تحققه عمليات تهريب المخدرات من أرباح، ينتقلون من قارة إلى قارة لتنفيذ مهامهم المطلوبة ووفقا لذلك يمكننا القول أنها عبارة عن شبكة عالمية للمخدرات. إن إنتاج المخدرات غالباً ما يزدهر في المناطق التي يتدخل فيها الجيش الأميركي و أجهزة الاستخبارات الأميركية، ففي الحالة الأفغانية نلاحظ أن المنطقة الحدودية الأفغانية ـ الباكستانية قد أصبحت مركزية في تهريب الأفيون على المستوى الدولي ، وخلال فترة الثمانينات تعززت أنشطة "سي آي إي" بشكل واسع ولكن بشكل غير مباشر ضد الاتحاد السوفيتي في الحرب الأفغانية. وقد تباهى زبيغنيو بريجنسكي مستشار الأمن القومي في البيت الأبيض أمام الرئيس الأميركي السابق جيمي كارتر بكونه قد جعل للسوفيت "فيتنام خاصة بهم" في أفغانستان ولكن في الوقت نفسه نشر وباء الهيرويين في الولايات المتحدة. فالإحصاءات الرسمية بينت أن 60 بالمائة من الهيرويين الذي دخل إلى الولايات المتحدة في عام واحد كان مصدره تلك المنطقة.
التكلفة الاجتماعية لتلك الحرب التي تتغذى على المخدرات ما تزال ماثلة بتداعياتها حتى اليوم. على سبيل المثال، هنالك اليوم خمسة ملايين مدمن على الهيرويين في باكستان وحدها. مع الإشارة إلى أن الولايات المتحدة قد كثفت نشاطها في العام 2001، حيث شكل التدخل الأميركي في أفغانستان نعمة لشركات المخدرات العالمية، فمع انتشار الفوضى في المناطق الريفية الأفغانية ارتفع إنتاج الأفيون بمستوى يزيد على الضعفين، وذلك من 3276 طناً عام 2000 إلى 8200 طن عام  2007 ، و بات من غير الممكن اليوم تحديد مسار تطور إنتاج المخدرات في أفغانستان لذا فإن التعاون ضروري بين أفغانستان وجميع البلدان المجاورة بما فيها روسيا والصين المجاورتين لبلدان آسيا الوسطى. وقد اقترح "المجلس الدولي للأمن والتنمية" شراء الأفيون الأفغاني واستخدامه للأغراض الطبية في بلدان العالم الثالث حيث الحاجة إلى ذلك ماسة جداً لكن واشنطن عارضت هذا الإجراء، ونستطيع القول أن إيران من أكثر الدول التي تعاني  من تهريب المخدرات القادمة من أفغانستان، و إيران هي البلد الأكثر نشاطاً في مكافحة تصدير المخدرات الأفغانية وفي سبيل ذلك تتعرض لخسائر بشرية كبيرة بفعل أنشطة التهريب وعلى هذا الأساس لا بد من الاعتراف بإيران كحليف أساسي في مكافحة هذا الوباء.
إن السلع الثلاث الأولى التي يجري تبادلها في التجارة العالمية هي البترول ثم الأسلحة والمخدرات، وهذه العناصر متصلة ببعضها البعض وهي ما يغذي المصارف بالطريقة ذاتها، وهذا ما يفسر استيعاب النظام المصرفي العالمي لمعظم أموال تجارة المخدرات و قسماً من عائدات المخدرات يستخدم في تمويل بعض العمليات العسكرية السرية التي تنفذها الولايات المتحدة.
هنالك كارثتان كبيرتان في السياسة الخارجية الأميركية أولها  حرب فييتنام التي لم تكن ضرورية، وحرب العراق التي لم تكن ضرورية أيضا، والهدف المعلن لحرب العراق هو إقامة الديمقراطية في هذا البلد، الأمر الذي لم يكن غير وهم حقيقي، فالشعب العراقي والعالم كله يدرك الآن تماما أن العراق كان يعيش قبل الحرب عليه في ظروف أفضل مما يعيشه اليوم.
المشكلة الأساسية في الولايات المتحدة تتعلق بصعوبة التوصل إلى توافق داخل الحكومة، بسبب وجود الكثير من الوكالات التي تسعى إلى تحقيق أغراض متعارضة ينجم عن هذا عدم وجود إمكانية للتوصل إلى سياسة متماسكة وموحدة، وهذا تحديداً ما حدث على مستوى أفغانستان في العام 1990,  كانت وزارة الخارجية الأميركية تريد التوصل بأي ثمن إلى اتفاق مع روسيا لكن "سي آي إي" كانت تعمل مع حلفائها تجار المخدرات و "الجهاديين" في أفغانستان الذين لم يكن في نيتهم إنهاء هذا التعاون، وفي تلك الفترة، صرح ستروبي تالبوت وهو صديق مقرب للرئيس كلينتون وكان يمثله في وزارة الخارجية: إن على الولايات المتحدة أن تتوصل إلى اتفاق مع روسيا في آسيا الوسطى، لا أن تنظر إلى تلك المنطقة على أنها "رقعة شطرنج كبيرة".  إلا أن "سي آي إي" والبنتاغون كانا يعقدان في الوقت نفسه اتفاقات سرية مع أوزبكستان وهذه الاتفاقات نسفت كل ما كان يسعى ستروبي إلى تحقيقه, و اليوم هذه الانقسامات الداخلية بين الأجهزة الدبلوماسية والأمنية في الولايات المتحدة مازالت كما هي ولم تتلاشى.
على أي حال، فإن عقيدة وولفوويتز (طورت لاحقًا باسم "عقيدة بوش" وتعني "الحرب الوقائية بمساعدة إسرائيل) التي اعتمدت اعتباراً من العام 2001كانت تدعو منذ العام 1992 إلى إحكام السيطرة الأميركية الكاملة على العالم و بموازاة ذلك سعت عناصر أكثر اعتدالاً في وزارة الخارجية إلى إيجاد حلول سلمية وتفاوضية عن طريق الأمم المتحدة، إلا أنه من غير الممكن التفاوض من أجل السلام في وقت يعلو فيه صوت إحكام السيطرة على العالم بالقوة العسكرية. ولسوء الحظ، كانت الغلبة في معظم الأحيان للصقور المتشددين وذلك لسبب وجيه وبسيط هو استئثارهم بالميزانيات الأكبر، الأمر الذي أسهم في تعزيز آلة الحرب الأميركية.
Raiseau Voltaire

الوسوم (Tags)

العالم   ,  

اقرأ أيضا ...
تعليقات حول الموضوع
  0000-00-00 00:00:00   ارهاب
سياتي اليوم وسننتقم من هذا الارهاب
خالد عبير  
  0000-00-00 00:00:00   لن نسامح
الله لا يسامح يلي كان السبب وامريكا ستندمين
فادي حمد  
  0000-00-00 00:00:00   مو شي غريب
على امريكا الواحد ما يستغرب شي منها
عامر السيد  
  0000-00-00 00:00:00   يارب
امريكا اصل البلاء والظلم الذي يحصل في الدول العربية جميعها
تامر حسين  
  0000-00-00 00:00:00   نهاية اميركا
اذا خلصنا من اميركا بترتاح كل الدول وبيصر سلام ولي
لانا سعود  
  0000-00-00 00:00:00   الله يلعن
الله يلعن اميركا اصل البلا
ايمان  
هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟
ملاحظة : جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا علاقة لموقع دام برس الإخباري بمحتواها
الاسم الكامل : *
المدينة :
عنوان التعليق : *
التعليق : *
*
   
دام برس : http://sia.gov.sy/
دام برس : https://www.facebook.com/Syrian.Ministry.Culture/

فيديو دام برس

الأرشيف
Copyright © dampress.net - All rights reserved 2024
Powered by Ten-neT.biz