كتب بلال سليطين لدام برس:

سمعت وقرأت الكثير عن عملية الإفراج عن المختطفين الإيرانيين في سورية، ولكوني عرفت تجربة المفاوضات عن قرب من /١٩/٩/ ولغاية /٣١/١٢/٢٠١٢/ وهي فترة تواصلت خلالها مع عشرات المسؤولين وأصحاب القرار في الدولة ولدى مجموعات الخطف.

وانطلاقا من هذه التجربة أستطيع القول أن الدولة حريصة بالمضمون على إرجاع المخطوفين لكنها غير مكترثة بالسلوك والممارسات وليس بمقدور أحد لي ذراعها وثنيها على فعل شيء هي لاتريده.

الدولة ليست مستعدة لإطلاق سراح قاتل واحد من وجهة نظرها مهما كان البديل ومن كان حتى لو كان كل المختطفين الإيرانيين وقد وضح ذلك السيد رئيس الجمهورية في خطابه الأخير عندما تحدث عن الحق الشخصي والحق العام وترك الأمر للمسامحة والمصالحة:

والدولة أيضاً لا تطلق سراح إلا من شمله العفو هذا إذا ما استثنينا الغير سوريين الذين يقال أنه أطلق سراحهم.

قضية إطلاق سراح المختطفين الإيرانيين من وجهة نظري بعيدة كل البعد عن السياق الذي أخذت به وقد تكون في الشكل مبادلة لكنها ليست كذلك بالمضمون والدولة لم تطلق سراح إلا من يجب إطلاق سراحهم حتى أولئك الذين يحملون جنسيات غير سورية ليسوا إلا أوراق للتفاوض السياسي وفي اللحظة التي يأتي وقت استثمارهم فيها فان الدولة لن تتأخر في ذلك وأعتقد أن اللحظة الحالية هي اللحظة المناسبة لذلك.

كما أن الدولة لا تتعامل بعقلية طائفية ولا تفكر بانتماء المخطوف الطائفي وإنما يهمها فقط هو أن يحمل الجنسية السورية حتى تسعى لتحريره ومبادلته مع من تقول أنه لم تتلطخ أيديهم بالدماء والتجربة التي حدثت مؤخرا مع المجموعات في ريف اللاذقية الشمالي وجبل الأكراد تحديدا خير دليل على ذلك ويشهد المفاوضون على ذلك عندما حاول البعض ربط العملية بالانتماء الطائفي فكان الجواب الانتماء الوطني السوري فقط والأسماء في تلك العملية توضح ذلك.

قد يجهل الكثيرون طريقة تفكير الدولة لكني بحكم تجربتي في موضوع الخطف ولقاءاتي مع المحررين وما كتبته وتابعته في هذا الملف أدرك جيدا أن قضية الإفراج عن المختطفين الإيرانيين ليست عملية مبادلة بقدر ما هي عملية استثمار أوراق أمنية في حقل السياسة.

بكل الأحوال يبقى ملف الخطف هو الملف الأكثر إيلاما وتعقيدا بالأزمة السورية وحله لن يكون بهذه البساطة التي يعتقدها البعض حتى وان فعلت الدولة مثلما يريد بعض ذوي المختطفين وأطلقت سراح أشخاص يعتبرون بنظرها قتلة مقابل الإفراج عن أبنائهم فان هذا لا يحل المشكلة لأنه لا يوجد رادع ولا ضامن لعدم إقدام هؤلاء المطلق سراحهم على عمليات خطف جديدة وبأضعاف الأعداد المحررة وبذلك نكون حللنا مشكلة البعض وأوقعنا المئات إن لم يكن الآلاف بمشاكل مشابهة.

رحم الله شهداء سورية وعجل تحرير المختطفين وصبّر أسرهم ومحبيهم