دام برس - بهاء نصار خير :
مشاكل الشباب ما بين قرارات تصدر وقرارات تُلغى لعدم فعاليتها. حالة مستمرة منذ سنوات والضحية هنا شباب ينتظرون طاقة الفرج أن تفتح لهم. فعوضاً عن فرحة الشاب السوري بالتخرج من الجامعة وبداية مرحلة جديدة في حياته تبدأ مرحلة الدخول بحياة الكآبة وحمل الهموم التي تكون أحياناً أكبر من سنه, خاصة عند التفكير بمتطلبات الحياة والمستقبل المنظور.هذا إن لم نتكلم عن القيود المجتمعية التي يفرضها المجتمع والكلام المحبط الدائم على السمع. والارتفاع الجنوني في الأسعار, مما زاد العبء والهموم, إضافة إلى عقوبات دبلوماسية واقتصادية دولية أحادية الجانب جاءت بكاملها على كاهل الشعب أولاً وأخيراً.
تُطرح الأفكار والقرارات من مكاتب التشغيل إلى هيئة مكافحة البطالة وأخيراً مشاريع تشغيل الشباب التي كثر الحديث حولها حالياً وحول عدم فعاليتها وما حملته من غبن. خاصة عندما نسأل أنفسنا والقائمين على هذه المشاريع سؤالاً: هل 25 ألف فرصة عمل ستحل مشكلة البطالة في سورية وخاصة شريحة الشباب منهم؟ وللعلم إن القوة العاملة في سورية تنمو بمعدل 300 ألف طالب علم سنويًا، وهي تعتبر من أعلى النسب في المنطقة يقابلها ضعف القدرة على خلق الوظائف في سوق العمل، وهو ما يؤدي إلى تسارع وتيرة الهجرة نحو الخارج، سيّما في أوساط الشباب إذ أنّ 75% من العاطلين عن العمل في البلاد أعمارهم أقل من 25 عامًا. لن أقول بأن هذا المشروع سيء أو لم يحل جزءً من المشكلة ولكن المستغرب هو أن المقبولين في الوظائف يبقون خارج الملاك العددي للجهات العامة وينتهي عقدهم بانتهاء فترة التعاقد القابلة للتجديد حسبما تُقرر تلك الجهات ويخشى البعض طبعاً سيطرة الواسطة (فيتامين واو) على التجديد التي لم تُلغى من قاموسنا حتى الآن. كل هذا إضافة إلى أن هذه المشاريع أتت مع فترة عصيبة تمر بها سورية, فرضت على الكثيرين قيوداً في الحركة خوفاً على الحياة التي أصبحت مهددة في بلد كان الأول على العالم من ناحية الأمن والأمان. فلم يعد البعض قادراً على ممارسة حياته الطبيعية كما كان, فكيف يكون الأمر إذا كان الموضوع متعلقاً بمسابقة تعيين وتوظيف. فتنتهي مهلة التقديم ولم يذهب البعض ممن كانوا يرغبون بالتوظيف وبأمس الحاجة إليه. ليبقى مصيرهم رهن قرارات ربما تصدر أو لا. خائفين من صدورها بعد فوات الأوان ومُضي قطار العمر, فيصبح هذا عائقاً آخر يُضاف إلى العوائق الأخرى. يُتداول الآن كلام يُفيد بإعادة المسابقات لما حملته من غبن تجاه البعض. ومن الممكن إلغاء فكرة مشروع تشغيل الشباب لتحل محلها فكرة أخرى. فهل نحن بحاجة لألف قرار لتعيين شباب من الواجب الاستفادة من طاقاتهم التي يجب ألا تندثر نتيجة الكآبة والاستهتار, ويبقى هذا مبررا لهجرة العقول إلى الخارج يتساءل شباب حائرون. فالشاب السوري مطلوب بقوة في سوق العمل في الخارج, وما إن يخرج حتى يُبدع ويحصل على أعلى المواقع نتيجة لقدرته على الإبداع. وإلى متى سيبقى الشباب السوري كما هو حال الشباب العربي مادة لبرامج تلفزيونية أمثال "موعد في المهجر" نُشاهد فيه العالم والباحث والفيزيائي والطبيب وما أكثر السوريين منهم. سؤال بيد وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل. فسورية أولى بأبنائها وعقولهم, وهي بأمس الحاجة لهم الآن خاصة في هذه المرحلة بالتحديد.