دام برس :
لا شك بأن الأسابيع الماضية التي مرت على سورية شهدت تصعيداً كبيراً, وشراسة قتال كبيرة, ونية المسلحين الإرهابيين التقدم في محاولة منهم دخول دمشق, ولكنهم كمن يرمي نفسه للتهلكة والانتحار, فالأيام الماضية وحدة الاشتباكات كبدتهم خسائر كبيرة وصلت للآلاف في بعض المناطق القريبة من دمشق. كل هذا التصعيد ترافق بحملة إعلامية شرسة لا سابق لها, لا تذكرنا إلا بالحرب الإجرامية التي شُنت على العراق وأدت إلى احتلاله. خاصة مع التصعيد الذي شهده الحديث عن مطار دمشق الدولي والطريق المؤدي له, ثم بعد ذلك الانتقال إلى الحديث عن استخدام الأسلحة الكيميائية وامتلاك سورية هذا النوع من السلاح والربط ما بين إعفاء الدكتور جهاد مقدسي عن منصبه لأنه قدم اعترافاً سورياً بامتلاك هذا السلاح. سورية حتى الآن تؤكد بأنه رغم امتلاكها له فلن تستخدمه ضد شعبها. ولا يوجد أي شخص عاقل يتصور أن تقوم سورية باستخدام هذا السلاح في داخل أراضيها, فبالتالي سيؤثر على الطرف المستخدم له أكثر من تأثيره على العدو. ولكن التركيز عليه من قِبل الدول الأوروبية وأمريكا في هذا الوقت بالذات مع موافقة حلف الناتو نشر بطاريات صواريخ باتريوت على الحدود مع سورية لا يمكن أن يمر مرور الكرام دون الحديث عنه والتساؤل عما يخبئوه لنا في المستقبل القريب والأيام القادمة. خاصة بعد محاولاتهم المُتكررة للتدخل, من خلال فرض مناطق حظر طيران, وتبني قرارات في مجلس الأمن, وإقامة ممرات إنسانية, ليُطرح موضوع الأسلحة الكيميائية الآن كخطوة أخيرة للتدخل خارج نطاق مجلس الأمن ووضع روسيا والصين في الزاوية التي لا تستطيع التدخل فيها. وهذا السيناريو غير مستبعد فنحن نتعامل مع عدو يمتلك من الخبث والتلون تحت رداء الإنسانية الكثير والكثير. فلو عدنا للوراء قليلاً عند بداية غزو العراق عندما كانت الحجة هي امتلاك العراق لأسلحة الدمار الشامل. على الرغم من التقارير السرية للمخابرات الأمريكية التي كانت تؤكد عدم امتلاك العراق لهذا السلاح ولكن الهدف التدميري للعراق أوجب وضع هذه الخدعة وخلق تلك الحجة. فبعد سنتين من الحرب على سورية أيقن الجميع أن الأمر ليس المطالبة بإصلاحات وغير ذلك بل تحول الأمر لحرب تدميرية تستهدف الدولة السورية برمتها من أصغر فرد فيها وحتى أكبرهم. وبناءً على هذا الكلام هل لنا بالسؤال, لماذا عندما ظهرت منذ أيام مقاطع فيديو تؤكد امتلاك المجموعات المسلحة أسلحة كيماوية ويظهر فيها شخص يُكيل التهديد والوعيد باستخدامها. فلماذا يتم السكوت والتكتم والتغاضي عما شاهدناه؟. لماذا لم يُذكر موضوع السفينتين البلجيكيتين اللتين تحملان موادً كيميائية كانت متجهة إلى تركيا؟ إذاً يبدو أن هناك ما يتم التحضير له في أروقة معامل صناعة الموت. فمن نواجهه عدو لا يسمح لدولة في الشرق الأوسط أن تنمو على حساب إسرائيل وتطغى عليها. فما حدث سابقاً في العراق كما ذكرت دليل على ذلك وعلى استخدام هذه الحجة للتدخل العسكري, وهذا ما أكده وزير خارجية أمريكا في العام 2003 "كولن باول" عندما أثبت كذب مسألة الأسلحة الكيماوية العراقية في مذكراته. وأن القيادة الأمريكية كانت على علم بعدم امتلاك العراق لهذا النوع من السلاح. والمثال الثاني محاربة الغرب وأمريكا لإيران التي أخذت على عاتقها القضية الفلسطينية وتبنت دعم حركات المقاومة ومدها بالسلاح والآن سورية التي تشهد حصاراً منذ سنوات ولا ننسى أيضاً الجزائر التي يتم التحضير لزعزعتها أيضاً ولكن ليس بالشكل العلني لأن خط إنتاج الموت يضع في أولوياته الآن سورية التي عطلت عمله بصمودها الأسطوري في وجه أعتى دول العالم. فعندما نرى نقط التلاقي ما بين تلك الدول نرى بأنها دول بنت قوة لا يُستهان بها, قوة لديها من القدرة والإمكانات للنهوض لتضع لها مكاناً في العالم وتكون موضع فرض قرار. لذلك نرى دائماً الحُجة حاضرة, السلاح الكيميائي والدمار الشامل المُحلل لإسرائيل والمحرم علينا.