دام برس

نسأل ويتساءل غيرنا متى يكون الحسم؟ وقد سمعنا مرات عدة أن الحسم سيكون قريبا، وأن الشعب السوري سينعم بالعزة والكرامة، نسأل إن كانت قدرات الجيش السوري قادرة فعلا على حسم المعركة لصالحه دون خسائر كبيرة في الأرواح، ونتساءل إن كانت الحكومة السورية والنظام السوري قادران فعلا على تحقيق الاستقرار وطرد هذه العصابات التي نشرت الفوضى في كل مكان.

دمع لا يكفكف يا دمشق، يا من كانت شوكة في حلق كل خائن للمقاومة، كانت دمشق الزاهرة تأوي الأبطال على أرضها، ومات الأبطال المقاومون على أرضها فهي مسك الشهداء الأبرار الذين يدافعون عن الكرامة والإنسان، واليوم تدخل سوريا في أتون حرب لا نفهمها، حرب من الداخل، انفجرت سوريا من الداخل كالبركان الذي يلقي بحممه فيأتي على الأخضر واليابس لا يفرق بين من يستحق الموت ومن لا يستحق، إنها الحرب إذا أرخت سدولها، وفرشت لحافها، ومدت يدها، فإن يدها ستطال حتما من شارك ومن لا يشارك.

وفي الحروب، تكثر الخيانات وتنتشر الفوضى والأكاذيب والأخبار المزيفة بين طرفيها ويصير كل شيء جائز لإنهاء المعركة، وعلى مدى الزمن ذكّرنا التاريخ يوما أن الحرب مدمرة على كل الشعوب وعلى كل البنيان فما تم بناؤه في سنوات بل في عقود أو قرون يُنسف في لحظات ودقائق وثوان بقنابل صنعها الإنسان ليدمر نفسه بنفسه، وفي الحروب تترفع النفوس عن كل قانون ليصير منطق القوة هو السائد، فمن كانت قوته وعتاده ظاهرا كان الانتصار حليفه ومن يغتصب ويعتدي ويرهب الناس فإنه خاسر لا محالة.

إنها الحرب بأتمّ معانيها، ذلك ما يجري في سوريا، نرى دبابات ومدافع وطائرات حربية في السماء تحلق على ارتفاع وانخفاض، أليس المشهد مشهد حرب ضروس بين طرفين، كل منهما ادعى أن الحسم سيكون في جانبه، والآن وبعد أشهر وربما ستطول سنوات، متى يكون الحسم؟ ولمن تؤول سوريا في النهاية؟

إنها الحرب التي تدمر كل شيء، الإنسان والبناء والنبات وحتى الهواء، فلم يعد الناس يستنشقون هواء نقيا بل هواء ملوثا بآثار الرصاص المدوي فوق الرؤوس وبين الديار والمساكن ولم نعد نرى دمشق عروسا كما كانت على مر التاريخ بل أصبح الخراب والدمار عنوان البلاد.

أين الشعب السوري الحر؟ إن كان فعلا مع الدولة والنظام فلم لا ينتفض في وجوه من يحاربونهم يخرجون رجالا ونساء وأطفالا وشيوخا إلى الشوارع ويعلنون أن الحرب يجب أن تتوقف، وأن الدماء يجب أن تحقن، وأن الحرية يجب أن تسود، وأن القانون يجب أن يطبق، أين من يعتبرون سوريا دولة قوية بشعبها، وشعبها هو الذي يحسم المعركة؟ أين السوريون وهم بالملايين؟ أين هم؟ اخرجوا واعلنوا أنكم ستحمون سوريا البلد العظيم من الخراب والدمار، اخرجوا إلى الساحات واعلنوا الولاء للوطن لتعيشوا كرماء ما تبقى من العمر، وإلا ستحرقكم جميعا نار الحرب المستعرة وأنتم جاثمون في بيوتكم وستحرق كل نخوة عربية في الدفاع عن شرف الأمة العربية.

هل الشعب السوري فعلا قادر على المواجهة بعد أن صرّح الغرب أنه عاجز عن الحل فلا عنان أفلح ولا الابراهيمي نجح ولا عفريت من السماء سيقدر على إنهاء الحرب المستعرة، هل سيبقى الشعب السوري مستسلما للقدر الذي صنعه لنفسه ولا يبادر لتغييره؟ فإذا أراد الحياة بعزة عليه أن يشمر على ذراعيه فهذا وقت الجِدّ، ووقت المواجهة وإثبات الذات، للتخلص من بصمات الحرب التي يبدو أنها لا تتوقف ولن تتوقف إلا باتحاد الشعب السوري على كلمة سواء.