منحت إمارة قطر الأتراك، ومن دون مقدمات مسبقة، نافذة للتمركز في الخليج عبر إقامة قاعدة عسكرية لهم على الأراضي القطرية، للمرة الأولى منذ انهيار الحكم العثماني قبل نحو مئة سنة.
وتأتي الخطوة القطرية في لحظة اضطراب إقليمي، واحتدام الخلاف بين بعض «الأشقاء» الخليجيين، خصوصاً في ما يتعلق بالعلاقة القوية التي تربط النظام القطري بجماعة «الإخوان المسلمين» التي أصبحت تركيا الراعي الأول لها إقليمياً. ومعروف أن علاقة الدوحة بهذه الجماعة أثارت توتراً في العلاقات بينها وبين كل من الرياض وأبوظبي والمنامة وصلت الى حد سحب السفراء من العاصمة القطرية، قبل أن تجري مصالحة بينهم.
ولم يصدر تعليق لا من السعودية ولا من إيران، الدولتين المعنيتين أساساً بالخطوة القطرية هذه التي تتضمن مفاجأة أخرى تمثلت بالإعلان عن نية قطر إنشاء قاعدة عسكرية لها على الأراضي التركية. كما لم يصدر تعليق من واشنطن التي تقيم في قطر القاعدة العسكرية الأكبر لها في منطقة العديد، ويتمركز أسطولها البحري الخامس في مملكة البحرين المجاورة. كما تأتي الخطوة في ظل تزايد الاتهامات لتركيا بالتورط في دعم الإرهاب في كل من العراق وسوريا والاعتداء على سيادة البلدين.
وكان السفير التركي في الدوحة أحمد ديميروك، أعلن أمس، أن بلاده ستنشئ قاعدة عسكرية في قطر، في إطار اتفاقية دفاعية تهدف إلى مساعدة البلدين على مواجهة «الأعداء المشتركين».
ويعزز إنشاء القاعدة، الذي نصت عليه اتفاقية وقعت في العام 2014 وصادق عليها البرلمان التركي في حزيران الماضي، شراكة تركيا مع قطر.
وقال ديميروك إن ثلاثة آلاف جندي من القوات البرية سيتمركزون في القاعدة، وهي أول منشأة عسكرية تركية في الشرق الأوسط، إلى جانب وحدات جوية وبحرية ومدربين عسكريين وقوات عمليات خاصة.
وأضاف أن القاعدة «متعددة الأغراض»، وستكون في الأساس مقراً لتدريبات مشتركة. ويتيح الاتفاق لقطر خيار إقامة قاعدة لها في تركيا. وتابع «تواجه تركيا وقطر مشاكل مشتركة، وكلانا قلق للغاية بشأن التطورات في المنطقة والسياسات الغامضة للدول الأخرى. إن التعاون بيننا مهم للغاية في هذا الوقت الحرج في الشرق الأوسط».
وقال ديميروك إن مئة جندي تركي موجودون حالياً في قطر لتدريب الجيش القطري. ولم يذكر متى سيتم الانتهاء من بناء القاعدة التركية الجديدة. وأضاف «إننا اليوم لا نبني تحالفاً جديداً بل نعيد اكتشاف روابط تاريخية وأخوية»، في إشارة إلى الإمبراطورية العثمانية التي امتدت قبل انهيارها في العام 1920 من شرق أوروبا إلى الخليج.
وقال جان مارك ريكلي، وهو أستاذ في «كينغز كوليدج» في لندن ويدرس في كلية الدفاع الوطني بقطر، «في ضوء فك الارتباط الأميركي مع الخليج فإن ما نشهده هنا هو تنويع للحلفاء المحتملين. إذا كانت هناك دولة صغيرة كقطر فإن من مصلحتها استضافة عدة حلفاء على أرضها، لأن ذلك يوفر لها ضمانة أمنية غير مباشرة من الحليف. كما أنه يزيد تكلفة أي هجوم محتمل على المعتدي».
إلى ذلك، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية التركية تانغو بيليتش إن التحالف الإسلامي العسكري، الذي تقوده السعودية، مهم على صعيد التنسيق العسكري والمخابراتي، لكن لا توجد خطط لإنشاء قوة عسكرية تركية في إطار هذا التحالف.