دام برس :

قد يمر خبر شراء شركة كلاشينكوف الروسية لـ 51% من أسهم شركة "زالا إيرو" المصنعة لطائرات بدون طيار و أنظمة التحكم و القيادة ضمن سياق النشرات المعنية بمتابعة الأخبار العسكرية دون أن يبحث في أبعاد القرار الروسي في تطوير مثل هذه الطائرات تحت الاسم الأكثر شهرة للأسلحة و الذي يعد الأكثر انتشاراً ضمن تسلح جيوش العالم.

السنوات الأربع الأخيرة و التي يمكن التأريخ لها مع بدء الأزمة السورية شهدت خطاً بيانياً متسارع الصعود في المواجهة الباردة بين موسكو و واشنطن اللتين تتنافسان في السياسة الدولية في حرب قد تكون أهداف كل من الطرفين مختلفة تماماً عن أهداف الآخر حينما قررا دخولها، لكن هذه الحرب بالمطلق لن تقف عن حدود سباق التسلح البارد بين الطرفين، فكلهما يمتلك أسلحة لها في حسابات الاستراتيجية و العسكر ما لهما من ثقل و لربما يكون الحديث عن السلاح الكيميائية ضرب من الروتين.

فالحكومة الروسية التي ردت على الحيتان الأمريكية المقاتلة باستخدام الدفلين و الفقمة في حرب ما تحت الماء لم تكتفي عن تدريب هذه الثديات على كسر الألغام البحرية في عمليات دفاعية و حسب، بل دربتها على عمليات قتالية هجومية تضمن عودة الدلفين إلى حظيرته سالماً بعد تنفيذ المهمة، و بالحديث عن تطوير أسلحة "الجو فضاء" يقرأ المشهد الروسي غالباً بالمطلق، فالتعاون العسكري مع دول كإيران و روسيا سيضمن لروسيا الوصول إلى مستوى متقدم جداً من الصناعة العسكرية يضاف إلى سجلها الحافل بالمنجز العسكري وفق شهادة التاريخ.

بالنظر إلى تقنية الـ "بدون طيار" التي تعتمد لدى كل من أمريكا و إسرائيل على حد سواء فقد كان العام 2014 عام انتكاسة كبيرة لهذه التقنية بالنسبة للطرفين، فإن كانت الحكومة الأمريكية فشلة في تطوير الصناعة الخاصة بهذه التقنية و تقديمها لإسرائيل بالصورة الأمثل، فإن الفضيحة المدوية كانت بسقوط خمس طائرات في مناطق تعتبرها "إسرائيل" دولاً معادية وهي على التوالي "لبنان – فلسطين (قطاع غزة) – العراق – إيران – سوريا"، في حين أن الطائرة أيوب وصلت لعمق الأراضي الفلسطينية و اتبعتها المقاومة الفلسطينية بالطائرة أبابيل و آخرها كان الطائرة التي لم تتبنى المقاومة رسمياً دخولها مطلع الشهر الحالي إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة لمدة عشرين دقيقة و من ثم عادت إلى لبنان، لكن مسار الطائرة يثبت إنها تابعة لسلاح الجو التابع للمقاومة  اللبنانية.

و كنتيجة طبيعية لعمق العلاقة بين روسيا و سوريا خصوصاً و محور المقاومة عموماً فإنه من الطبيعي الحديث عن خطط مستقبلية لوصول الكلاشينكوف بـدون الطيار إلى سوريا لتدخل ضمن القوات الجوية العالمة، وهذه النقطة أكثر ما سيثير رعب "إسرائيل" خاصة و إنها ما زالت تحاول استدراك إسقاط إحدى طائراتها الـ "بدون طيار" من قبل القوات السورية سليمة بما أشار إلى وجود دفاعات جوية سورية متطورة اعتمدت السيطرة الإلكترونية على الطائرة و سحبها إلى نقطة الهبوط.

وفق هذا المسار التصاعدي للتسلح الروسي يأتي الإعلان عن تطوير إنتاج الـ "بدون طيار" كواحدة من الخطوات التي ستنظر إليها واشنطن بعين المترقب، فالأزمات التي تشهد صراعاً سياسياً كبيراً بين قطبي السياسة العالمية قد تصل مرحلة العسكرة في أي لحظة، و يدرك الأمريكيون أن القوات الروسية لم تكشف عن كل أسلحتها و لم تستعرض عضلاتها بما يكفي بعد، و إن كانت روسيا قد تمكنت من كسب السباق في مناطق متقدمة من أوروبا الشرقية خاصة في شبه جزيرة القرم فإن الأمريكيون أيضاً يضمرون أسلحة لم يكشف عنها بعد، و بالتالي فإن الحرب العالمية الثالثة إن وقعت وحدث الصدام المتحسب وقوعه بين أكبر قوتين عسكريتين في العالم، فإن الأسلحة الثقيلة لن تكون إلا مجرد تمهيد ناري لا أكثر.

لكن المعطيات تشير إلى أمريكا تبحث لنفسها عن مخارج من الأزمات السياسية الكبرى وفق أقل الخسائر الممكنة في خضم النظرة المتروية من قبل الديمقراطيين الذين ينتمي إليهم أوباما قبل الذهاب نحو الانتخابات الرئاسية في أمريكا العام القادم، فمواجهة عسكرية مع موسكو او غيرها ستنهي أحلام الديمقراطيين في البقاء داخل البيت الأبيض، والجمهوريون يتصيدون مثل هذه الغلطة للبحث عن مفتاح البيت الأبيض.

عربي برس - محمود عبد اللطيف