دام برس :

من صحفهم ومفكريهم قد تستشف اتجاهاتهم وسياساتهم، خصوصاً وأن الغرب يهتم كثيراً لوسائل إعلامه التي بات جزءاً كبيراً منها يعكس ما يدور في الأروقة المغلقة هناك، مانشيت عريض أو مقال أو تقرير قد يكون إشارة تمهيدية لحدث سياسي كبير قد تقوم به أمريكا تجاه ملف من الملفات الساخنة في العالم.

فقد كان لافتاً المقال الذي نشره الكاتب الأمريكي " ريك موران" في موقع " أميركان ثينكر" والذي حمل عنوان " الجيش الحر الآن تحت سيطرة تنظيم القاعدة" حيث أشار فيه إلى أن أحد الركائز الأساسية في سياسة إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما تجاه سوريا هي تسليح ما تُسمى بـ " المعارضة المعتدلة" مؤكداً أن ما تُسمى ميليشيا "الحر" أصبحت خاضعة لنفوذ "جبهة النصرة" فرع تنظيم "القاعدة" في سوريا.

لا شك بأن خروج باحث أمريكي بهذه النتيجة لم يأت عن عبث، وهو أيضاً ليس ضرباً من التسرع، بل نتيجة متابعة حثيثة لأربع سنوات من الدم المسفوح على أقدم بقاع الأرض.

هذه النتيجة المتمركزة على أساس حقيقة سيطرة التطرف على الجسم المسلح لمن تُسمى بالمعارضة قد يمهد لخطوات سياسية قادمة ستصدر عن واشنطن التي راهنت على من أسمتها بقوى "معتدلة" اتضح أنها لم تظهر بعد، يؤكد ذلك تأجيل موعد تدريب تلك الميليشيات وإعلان أمريكا صراحةً بأنها ليست واثقة تماماً من خلفيات كل الميلشيات التي فصلتها عن النصرة وداعش والجبهة الإسلامية.

هناك ميليشيات "أحرار الشام وجيش الأسلام وجيش الأمة" وغيرها من الجماعات التي بدأ مقاتلوها يتركونها للالتحاق بالنصرة أو بداعش التنظيمين الأكثر قوةً ومالاً من غيرهما.

إذاً فقد باتت فكرة الاعتدال بالنسبة للأمريكي لعبةً خطرةً إن تم الإقدام عليها دون حسابات دقيقة، وللتذكير فإن "جبهة النصرة " عندما استولت على معسكر وادي الضيف كان ذلك بأسلحة أمريكية كانت مرسلة لمن يُفترض أنها فصائل "معتدلة".

بالمحصلة فإن وهم الاعتدال يتحول إلى مستنقع خطر سيبتلع الأمريكي ما أن تطأ قدماه فيه، وفكرة أن النصرة المتطرفة هي الأقوى وهي المسيطرة على ميليشيا الحر ستجعل من الأخير نسياً منسياً، وستجبر واشنطن على إعادة حساباتها.

عربي برس