Logo Dampress

آخر تحديث : الجمعة 29 آذار 2024   الساعة 00:45:44
دام برس : http://alsham-univ.sy/
دام برس : http://www.
زبدين محرّرة .. فماذا بعدها؟

دام برس :

في المعارك الكبرى لا يمكن فصل المسار السياسي عن مسارات الميدان، وأذكر أنني في بداية الأزمة السورية كنت قد دخلت في مناقشات مع العديد من الأصدقاء الذين كانوا يعيشون حالة من الإحباط الشديد في الوقت الذي كنت أحدثهم عن مراحل ستصل اليها مسارات المعركة في سورية، دون تحديد تواريخ محددة لاستحالة أن يمتلكها احدهم مهما كانت قدراته وخبراته، وكانوا بغالبيتهم يلوذون بالصمت ويطلقون عليّ لقب المتفائل، وفي الحقيقة لا علاقة للتفاؤل او التشاؤم بالأمر بقدر ما يرتبط الصراع عادةً بقوانين ومصالح مرتبطة بطبيعته وتكوينه ومجمل تفاصيله.
وقد كان واضحاً لي منذ البداية أننا سنمر بمراحل صعبة ومعقدة ولكنها لن تحقق لا للمخططين ولا للمنفذين أي من أهدافهم لإدراكي طبيعة موازين القوى المحلية والإقليمية والدولية.

وفي الوقت الذي راهن الكثيرون على انتهاء المعركة في سورية بشكل سريع وحسمها لمصلحة الجماعات المسلحة، كان رأيي منافياً تماماً لهذه الآراء، ولم أكن يومها ولا الآن منطلقاً من أهواء أو عواطف أو مواقف سياسية بقدر ما كنت استند الى قواعد التحليل العلمي للمعطيات والمعلومات المتوفرة كمادة للبحث والتوقع.

وحتى لا استغرق في المقدمة كثيراً، أود الإشارة الى اننا أمام مرحلة جديدة تماماً ستدشنها زيارة الوزير وليد المعلم الى موسكو ولقاؤه بالرئيس فلاديمير بوتين والتي سيسبقها وصول وفد من المستشارين والإختصاصيين للتحضير لها، وهذا ما يؤكد أنّ الأمر يتجاوز الزيارات البروتوكولية ليندرج في سياق اللقاءات الهامّة التي ستؤسس للدخول في مرحلة مغايرة تماماً للمرحلة الحالية التي تزخم بالتصاريح الإيجابية نحو سورية حتى من مسؤولين اميركيين، وهي كثيرة الى درجة تستحق التوقف عندها لاحقاً في موضوعٍ مستقل.

ما جرى في زبدين لا ينفصل عن سياق الخطة العسكرية للجيش السوري الهادفة في عناوينها الأساسية الى إعادة بسط سيطرة الدولة والجيش على كامل الأراضي السورية وهو أمر يترافق مع بكائيات منظمة تقوم بها تنسيقيات الجماعات المسلحة ومكاتبها الإعلامية لتبرير ما جرى، وهو أمر اعتدناه منذ حوالي السنة والنصف وهي الحقبة التي تشهد انتصارات متلاحقة للجيش السوري.
زبدين الواقعة في منتصف الغوطة الشرقية والتي تشكل مفصل ربط أساسي للجماعات المسلحة، حاولت هذه الجماعات أن تجعل لها دوراً بديلاً عن المليحة بعد سقوطها الا أنها لم تنجح في الأمر.

الهجوم الذي قام به الجيش السوري على زبدين انطلق من اتجاهين:
- من المليحة وهي الجهة الشمالية الغربية حيث كان الإندفاع الأساسي الى مشارف البلدة.
- من الجهة الجنوبية لزبدين التي سيطر عليها الجيش السوري في مرحلة سابقة.
- من حتيتة الجرش وهي الجهة الشرقية للبلدة.

هذا الهجوم الذي واكبته مرحلة معقدة جداً تضمّنت عملية إزالة للألغام والعبوات الناسفة، مع عملية إخلاء ناجحة لأكثر من 140 عائلة من البلدة عبر ممر آمن عمل الجيش السوري على فتحه لمرور العائلات.
عسكرياً، ستشكل السيطرة على زبدين تسهيل القيام بالمهام اللاحقة التي باتت أكثر سهولةً، وبالتأكيد ستكون دير العصافير هي المهمة اللاحقة جنوباً لتأمين نطاق سيطرة أوسع خالٍ من البؤر المسلحة، مما يتيح حرية أكبر لوحدات الجيش في التحرك نحو البلالية والنشابية من محاور جديدة كانت تشكل لها مساحة حركة وأمان ستفتقدها بعد تحرير زبدين.
هذه العمليات العسكرية التي ينفذها الجيش السوري تأتي بالتزامن مع انشقاقات جديدة عن جيش الإسلام قام بها لواء التوحيد الذي أعلن انضمامه للواء تحرير الشام التابع للجيش الحر.

والهدف من الإشارة الى هذا الإنشقاق هو تبيان حالة الجماعات المسلحة التي تعيش حالة التشرذم والتناحر بسبب الإنهيارات المتتالية لها على كل الأرض السورية وليس في الغوطة الشرقية فقط، وهو أمر اساسي سيساعد الجيش السوري على تحقيق اهدافه الأساسية.
في الغوطة الشرقية أينما كانت عمليات الجيش السوري فإنّ وجهته هي دوما، وما تقوم به هذه الوحدات في المحيطين القريب والبعيد لدوما هو محاولة تفريغ مكامن القوة والدعم لدوما التي يقترب منها الجيش السوري كثيراً.

اذا استطاع الجيش السوري قريباً أن يسيطر على البلالية والنشابية فيمكننا القول إنّ الإندفاع الى دوما سيكون من كل الجهات ممّا سيعجّل من تغيير الوضع، فقد تشكل المتغيرات الجديدة عامل ضغط يُجبر الجماعات المسلحة على الدخول في تسوية وعقد مصالحة بمعايير وشروط الدولة السورية التي نجحت عبر الضغط الميداني في إيصال العديد الجماعات المسلحة الى الدخول في المصالحة على غرار مناطق ببيلا وبيت سحم والحجر الأسود التي تشهد هذه الفترة نزاعات بين الأهالي ومسلحي النصرة وداعش الذين يتواجدون هناك، مع الإشارة على قدرة الجيش أن يحسم الوضع هناك بسرعة ولكنه يترك للجان المصالحة معالجة الأمر لتجنيب الأهالي خسائر محتملة ستنتج عن أية معركة.

في كل الأحوال ما بعد زبدين غير ما قبلها كما هو الوضع في كل منطقة يحررها الجيش السوري، فالمرحلة القادمة على مستوى كل سورية ستكون مرحلة مختلفة تماماً، حيث وضع المفاتيح في الأقفال لفتح ابواب العديد من المناطق، والربيع القادم هو مرحلة تشريع هذه الأبواب ليس في الغوطة الشرقية لدمشق فحسب إنما في كل المناطق.

سلاب نيوز

الوسوم (Tags)
اقرأ أيضا ...
هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟
ملاحظة : جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا علاقة لموقع دام برس الإخباري بمحتواها
الاسم الكامل : *
المدينة :
عنوان التعليق : *
التعليق : *
*
   
دام برس : http://sia.gov.sy/
دام برس : https://www.facebook.com/Syrian.Ministry.Culture/

فيديو دام برس

الأرشيف
Copyright © dampress.net - All rights reserved 2024
Powered by Ten-neT.biz