دام برس:

يبدو أن ديناميكية التطورات المتسارعة  في الأسابيع القليلة الماضية حول  الجوار السوري  في الشمال (تركيا – والعراق)وفي الجنوب (إسرائيل والأردن) ستحمل تأثيرات مباشرة وقريبة المدى على طبيعة الدور الإسرائيلي ضد سوريا وانتقاله  في أغلب الاحتمالات إلى طموح أكبر في التحرك بين هذه التطورات التي يمكن تلخيصها على النحو التالي:

1.
بداية ظهور تراجع قدرة تركيا على الانغماس المباشر والصارخ في النشاطات المعادية لسوريا بسبب  عوامل داخلية وخارجية كان أبرزها : فشل الدور التركي  في تحقيق أهم أهدافه  ضد سوريا  رغم كل ما قدمه ورعاه من أعمال وعمليات عسكرية وسياسية وهو سقوط الحكم  وينضمإلى هذه الأسباب  تطور  التفاهم  التركي مع العراقوإيران وما حمله من  ضغوط على إردوغان لإعادة النظر في دوره التخريبي  تجاه الجيران الثلاثة سوريا والعراق وإيران.
2.
استمرار الجمود في العلاقات العلنية السياسية والعسكرية والاقتصادية بين إردوغان واسرائيل  وعدم قدرة الجانب التركي على إذابة هذا الجمود  دون دفع ثمن خاسر لإردوغان وحزبه في هذه الظروف رغم إصرار واشنطن على إذابته بالسرعة الممكنة.
3.
انتقال الحكومة العراقية إلى مستوى مثير  في علاقتها مع واشنطن  بعد إعلانها عن ارسال طائرات بلا طيار وأسلحة أميركية أخرى  للمالكي من أجل تعزيز قدرات الجيش على هزيمة عناصر القاعدة  بعد تزايد عمليات التفجير غير المسبوقة في الأشهر الماضية ضد المدنيين والجيش العراقي على خلفية طائفية صارخة .
4.
فقد قامت واشنطن التي تتبنى سياسة تسخير وتوظيف عناصر القاعدة بشكل غير مباشر وبطريقة  خبيثة  بمساعدة حلفائها المحليين العرب   لفرض  سياستها  تجاه الدول التي تطلق عليها  (الصديقة) مثل العراق  بإجبار الحكومة العراقية على التوجه لمزيد من الارتباط بالتسليح الأمريكي  ومضاعفاته باسم  مساعدتها على ضرب عناصر القاعدةوربما وجد العراق نفسه أمام اللعبة الأمريكية   التي سهلت للقاعدة تكثيف عملياتها  في العراق  بين خيارين: إما أن يوافق على السماح لواشنطن باستخدام طائراتها بلا طياربأيد أميركية  ضد القاعدة على غرار ما تفعله واشنطن في باكستان واليمن (وهما دولتان صديقتان) وإما أن تستورد هذه الطائرات  الأمريكية  وتقوم بنفس المهمة بأيد عراقية  لكنها تظل مرتبطة بالتسليح الأمريكي  وتأثيراته على سياستها.
5.
4-التطور المحتمل في توقيع اسرائيل والسلطة الفلسطينية على اتفاق الإطار وهو اتفاق مرحلي  يوظف في حل النزاع دوراً أردنياً مؤثراً  في قلب الساحة السياسية والاقتصادية والأمنية الفلسطينية  في الضفة الغربية  ومستقبلها  بعد عشرة أو خمسة عشر عاماً المقبلة.
وهذا التطور المرتقب وإمكانية التأكد من  درجة  احتمالاته بعد اسبوع أو أكثر في أعقاب الزيارة المرتقبة لكيري الخميس المقبل سيربط الأطراف الثلاثة : السلطة الفلسطينية والأردن  واسرائيل  مدعومين من الجامعة العربية في وضع يوفر لإسرائيل إغلاق باب  مهم من بوابات  الصراع العربي –الإسرائيلي  ويفتح لها باباً أوسع  لاستخدام الأردن وتسخير سياسته  ضد سوريا  بشكل خاص.

واذا سلمنا  بهذه المقدمات المتوقعة  فستجد سوريا نفسها أمام تطور يفتح لها في الشمال (تركيا - والعراق) بوابة  أخف وطأة في ثقلها وأعبائها   على ساحتها الداخلية  بالمقارنة مع  السنوات الماضية   أما في جنوبها (اسرائيل والأردن) فربما تحمل لها هذه البوابة تزايداً في الدور الأردني والإسرائيلي  ضدها  خصوصاً وأن صحفا أميركية تحدثت عن وجود قيادة عمليات  عسكرية  أردنية –مشتركة مع مجموعات  المعارضة السورية المسلحة يشارك فيها  ممثلون عن 17  دولة  في الأراضي الأردنية  لتوجيه العمليات ضد سوريا.

ومع ذلك من البديهي الاستنتاج بأن  الانجازات الملموسة على الأرض للجيش السوري والثقة  الشعبية المتعاظمة بالقيادة السورية  والتمسك الدولي (الروسي – الأمريكي) بعقد مؤتمر جنيف (2)  وازدياد المتانة والثقة بالتحالف  الإيراني الروسي  الصيني  مع سوريا ودور التطورات في الجوار الشمالي لسوريا لا بد أن تحمل معها قدراً كبيراً من عناصر القوة والتوازن قادرا على ردع ما قد تخططه اسرائيل من الجنوب مع الأردن أو من دونه ضد سوريا.

  مدير مركز دمشق للدراسات الاستراتيجية

 د. بسام أبو عبد الله