دام برس:
بعد ثماني سنوات، تم إطلاق أكبر مشروع للبناء في واشنطن منذ عقدين من الزمن، حيث كان مركز المدينة عبارة عن فسحة لمواقف سيارات للكتل العقارية الأساسية وسط المدينة، وأُصيب هذا المشروع بالشلل بسبب الكساد الاقتصادي.
-
جاءت قطر.. وهي أمة صغيرة من الكثبان الرملية والبحيرات المالحة المطلة على الخليج الفارسي، ويبلغ عدد سكانها حوالي 250.000 مواطن، ولكنها أيضاً موطن لأكبر حقل للغاز الطبيعي في العالم، وبالتالي ثروة لا يمكن تصورها.
-
قرر ذراع الاستثمار العقاري لدولة قطر في عام 2010 ضخ 650 مليون دولار في مركز المدينة، وأصبح المالك الرئيسي لمشروع بقيمة 1 مليار دولار في منطقة مركز المؤتمرات القديم في مقاطعة شمال غرب واشنطن.
-
لم تكن قطر قد استثمرت أبداً عقارات في العاصمة من قبل. وموجة الإنفاق لم تتوقف عند هذا الحد.
-
استثمر القطريون أيضاً في شيكاغو، حيث اشترت مجموعة الفيصل في عامها الأخير فندق راديسون بلو أكوا. وقالت بأنها سوف تسعى إلى الممتلكات الأمريكية الأخرى.
-
اشترت قطر هذا العام التلفزيون الحالي مقابل 500 مليون دولار، ووظّفت 800 من الصحفيين وأطلقت قناة الجزيرة أميركا.
-
أعلنت الخطوط الجوية القطرية عن خطط لتوسيع خدماتها في الولايات المتحدة في عام 2014 عن طريق إضافة دالاس وميامي وفيلادلفيا إلى الوجهات التي تشمل هيوستن وواشنطن ونيويورك وشيكاغو.
-
وقالت قطر الشهر الماضي بأنها ستُنفق 19 مليار دولار لشراء 50 طائرة بوينغ 777، وهي جزء من صفقة أكبر بين شركة الطيران الأمريكية وقطر والإمارات العربية المتحدة.
-
ازداد عدد الطلاب القطريين في الجامعات الأمريكية خمسة أضعاف خلال العقد الماضي، وتنفق مؤسسة قطر الدولية 5 مليار دولار هذا العام لتشجيع المدارس في الولايات المتحدة على تعليم اللغة العربية.

إن الزيادة الكبيرة في الاهتمام والاستثمار في الولايات المتحدة من أصغر دول العالم يثير الدهشة والأسئلة، وكثير منها يتلخص في: "لماذا؟"

-
يقول أولئك الذين يعملون مع القطريين بأن الإنفاق الجديد يعكس الاهتمام المتزايد لدعم عوائد الاستثمار، فضلاً عن الرغبة في تنويع علاقة الولايات المتحدة السابقة التي ركزت على الطاقة والدفاع.
-
إن قراءة الدوافع القطرية هو فن أكثر من علم، فالمحللين الذين يدرسون هذا البلد نادراً ما يتاح لهم الوصول إلى الأسرة الحاكمة.
-
قال تشيس أنترماير، مستشار الأعمال والذي كان سفير الولايات المتحدة في قطر في عهد الرئيس جورج دبليو بوش "قطر هي شركة عائلية لها مقعد في الأمم المتحدة"، وقال أيضاً "لا يهم حقاً من الذي يملك قناة الجزيرة أو شركة الديار القطرية [شركة الاستثمار العقاري المملوكة للدولة] لأنها جميعاً جزء من نفس الشركة العائلية".
-
على الرغم من أن القطريين هم المطورون الأبرز في أكثر من اثني عشر بلداً في أربع قارات، إلا أن ميولهم بالدرجة الأولى كانت نحو لندن وأوروبا، وليس أمريكا.
-
في السنوات الست الماضية، استثمرت قطر 33 مليار دولار في بريطانيا، وقامت ببناء برج شارد، أطول مبنى للمكاتب في أوروبا الغربية.
-
قال خالد السبيعي، الرئيس التنفيذي لشركة المستثمر الأول، بنك الاستثمار القطري الذي موّل سيتي سنتر "السوق العقارية في الولايات المتحدة تقدم أسس جذابة على مدى السنوات القليلة المقبلة، مما يجعلها جزءاً هاماً من المحفظة العقارية لأي مستثمر".
-
يتألف هذا المجمّع الفاخر من مبنَيَيْن لكلّ منهما مكاتب وشقق للإيجار ووحدات سكنية، وفندق.
-
طالب الاتفاق في عام 2010 في البدء بالتشييد العام المقبل، ولكن القطريين وضعوا شرطاً لاستثماراتهم: أن يستثني سيتي سنتر الحانات والبنوك امتثالاً لحظر الإسلام للكحول والفائدة. وقال مسؤولو العاصمة أنهم كانوا يفضلون التركيز على المطاعم ومحلات الأزياء على أي حال.
-
مع 674 وحدة سكنية، والساحة العامة والممرات العادية، فإن سيتي سنتر هو حيوي في وسط البلد حيث يعيش الناس والمحال التجارية وكذلك العمل.
-
تم بيع الوحدات السكنية بنسبة 70%- وهي شقق مكونة من غرفتي نوم بحوالي 1.2 إلى 1.5 مليون دولار. أما الإيجارات تتراوح من 4400 دولار إلى 5200 دولار شهرياً للشقة.
-
يبدو أن استثمار سيتي سنتر هو طليعة تدفق كبير لرؤوس الأموال.
-
وقال فيكتور هوسكينز، نائب رئيس البلدية للتخطيط والتنمية الاقتصادية، مع حضور المزيد من القطريين إلى الجامعات الأمريكية، ارتفع مستوى الراحة، وعندما حصلت شركة ديار القطرية على سيتي سنتر، أصبح القطريون واسعي الاطلاع على السياسة الضريبية للعاصمة.
-
كما قال "لم تعد قطر قادرة على النمو بمعدل 10- 15% سنوياً كما كانت في عام 2010"، "لقد بلغوا مرحلة في صادرات الغاز الطبيعي، وهم الآن قلقون بشأن استنفاد حقل الغاز".
-
إن العلاقات الدافئة مع أمريكا تبدو واضحة. شقيقة الأمير الجديد، الشيخة المياسة آل ثاني، تلقت تعليمها في جامعتي ديوك وكولومبيا، وتدير المؤسسة القطرية، حيث سينتقل مقرها الرئيسي من الولايات المتحدة إلى سيتي سنتر. هناك، سيتم تعليم المجموعات المدرسية الحياة في قطر في منزل وهمي كامل مع وجود مطبخ.
-
كان للمؤسسة دوراً رئيسياً في المساعدات القطرية لضحايا إعصار كاترينا.
-
قالت ماغي سالم، المديرة التنفيذية للمؤسسة بأن الأمريكيين ممتنون لتعليمهم دروس اللغة والثقافة العربية.
-
يبدو أن الدافع وراء إطلاق الشهرة والنفوذ، بدلاً من الأرباح والتقييمات، هو قناة الجزيرة أمريكا.
-
أصبحت الولايات المتحدة فجأة أولوية بالنسبة لقناة الجزيرة أكثر قليلاً من العام الماضي، وحسب طوني بورمان- وهو كندي وعضو منتدب للقناة باللغة الإنجليزية 2008-2010 ثم قضى عاماً في واشنطن كمستشار استراتيجي على مشروع الولايات المتحدة- "عندما قررت الحكومة القطرية بذل جهد حقيقي لكسب حكومة الولايات المتحدة".
-
يعتقد بعض المحللين بأن مستقبل القناة يعتمد أساساً على كيفية تحديد القيادة القَطَرية الجديدة للسياسة الخارجية للبلاد.
-
يبدو أن القطريين حريصون على تعميق العلاقات مع الولايات المتحدة، وخاصة في واشنطن وهيوستن.
-
تركز هيوستن طويلاً على الأعمال القطرية في قطاع الطاقة، مؤسسة قطر للبترول هي المالك الرئيسي لشركة غولدن باس للمنتجات والتي مقرها هيوستن، وهي المستورد الرئيسي للغاز الطبيعي حيث تسعى للحصول على دور في تصدير غاز الولايات المتحدة، وانتقل حوالي 150 أسرة قطرية بارزة إلى هيوستن للحصول على الرعاية الطبية.
-
قال هوسكينز بأن هناك مفاوضات جادة مع قطر حول مشروع عقاري آخر قد يحقق تقدماً كافياً يأمل أن يعلن عنه في الربيع المقبل.

مدير مركز دمشق للدراسات الاستراتيجية

  د. بسام أبو عبد الله