Logo Dampress

آخر تحديث : الجمعة 29 آذار 2024   الساعة 14:36:32
دام برس : http://alsham-univ.sy/
دام برس : http://www.
دار الأيتام في اللاذقية .. وحيدٌ يحتضن يتامى الحرب

دام برس - رشا ريّا -  اللاذقية :
وأنت تصعد الدرجات القليلة المُوصلة إلى مدخل دار كفالة الأيتام في اللاذقية (والوحيد في الساحل السوري)، تجد نفسك وجهاً لوجه مع مجموعة من المشاعر التي لم تعرفها يوماً، يتصّدرها الخوف من أن تقف عارياً أمام إنسانيتك، تحاول كبحها والحفاظ على رباطة جأشك، فمن أنت لتحمل عبء ظلم الدنيا على كتفيك، لست بأطلس، فبالكاد تستطيع التعامل مع تشكيلة مشاعرك الفردية اليومية دون أن ترزح تحت وطأتها، تأخذ نفساً عميقاً، ترتدي ابتسامة وتدخل، لديك تحقيق صحفي يحتاج الدقة، الموضوعية، تفاصيل قصص، وأثر الحرب على واقعٍ أليم في البلاد، ربما في المساء، وبعد أن تنهي مهمتك ستُفرغ أوجاعك في قصيدة، الآن عليك بالمهنيّة.
صلاة سريعة
وأنت تنتظر لقاء المدير تصلي صلاة سريعة لئلا تقابل أُناساً من ذات طينة الشخصيات النمطية القاسية التي لطالما صوّرتها لنا أفلام الرسوم المتحركة، ترقب المشهد من بعيد، المدير يتحدث مع مجموعة من الأطفال، يرتسم الرضا على وجوه الجميع، هي ثوان تُبدد طفلة لم تتجاوز الخامسة كل مخاوفك، فها هي ترتمي في حضن إحدى المشرفات في الدار، تعانقها وتقبلها، تطمئنني لمسة يدها لخدّ المشرفة، فلطالما رأيت الأطفال يلمسون وجوه أمهاتهن بذات الطريقة، إذاً لا افتعال، هو طقس يومي متكرر كما يبدو.
إدارة تعبئ بالتفاصيل
وليد أسمر (مدير دار الأيتام) تحدث لدام برس: "الأزمة أثرت علينا جميعاً كأفراد، لم نعد نعلم من معنا ومن ضدنا، فكيف بأطفالٍ يأتون من خلفيات عائلية مشتتة، ورغم صعوبة الظروف التي طالتنا كمؤسسة إلا أننا نقدم كل الإمكانيات لهؤلاء الأطفال ولو كانت محدودة، فهم أمانة بأعناقنا، العدد قبل الأزمة كان من 20 إلى 25 طفل، زاد بدرجة كبيرة، وقد قبلنا أطفالاً في الدار فوق طاقتنا، خاصةً أنَّ الميتم هو الوحيد في الساحل السوري، لكنه لا يستوعب العدد الكبير الذي وصل إلى 55 طفل بعد الأزمة، يستقبل الدار الطفل من الست سنوات حتى الأربعة عشر (سن اليتم حسب القانون)، إن كان يتيم الأب والأم أو حتى يتيم الأب فقط لأنه وحسب القانون الشرعي الأب هو المُعيل والمسؤول، وهناك حالات يكون فيها الأب والأم على قيد الحياة، ولكن لم يعد بإمكانهم أن يُعيلوا الأولاد، أو أن يقدموا لهم الحياة الكريمة، ولأصدقكم القول فقد أصبحنا نحن المشرفين على الدار، بحاجةٍ إلى رعايةٍ نفسية نتيجة الحالات التي تعاملنا معها خلال السنين الماضية، فمثلاً بدأت في فترة ما في ظل هذه الظروف باستقبال أطفال بعمر ثلاث و أربع سنوات، وأنا في الدار لا يجوز لي استقبال أطفال بهذه الأعمار".
بالحديث عن الإجراءات القانونية التي يقوم بها الدار قبل استقبال الأطفال، تبيّن أنَّ الأمر ليس سهلاً فالإجراءات كثيرة تبدأ بضبط شرطة، ثم الحصول على قرار من النائب العام يشرّع استقبال الأطفال، فالميتم يحتاج أوراق ثبوتية ورسمية حتى يستطيع الأطفال متابعة حياتهم بشكل طبيعي، خصوصاً أنَّ أغلبهم قد وصل إلى سنّ دخول المدارس، وعند السؤال عن مصير الأولاد بعد سن الرابعة عشر، قال السيد وليد: "الميتم يبقى على إطلاع على حال الطفل لمدة عام كامل بعد خروجه من الدار، إذا ما راجعنا الطفل أو ذويه، ونقدم له ما نستطيع من مساعدة، كما أننا بدأنا كإدارة بفكرة جديدة، حيث قمنا بإنشاء حساب مصرفي باسم الميتم، وكلما وردتنا تبرعات من أهل الخير وهم كُثر رغم الظروف، بالإضافة إلى العائدات التي ترجع إلى ميزانية الدار من الأوقاف والعقارات التي يمتلكها، قمنا بوضعها في الحساب، حيث بإمكان الأطفال استلام المبالغ الموضوعة باسمهم عند بلوغهم سن الثامنة عشر القانوني".
أمّا عند التنويه إلى وجوب استمرار رعاية الأطفال حتى بلوغهم الثامنة عشر، أكدَّ السيد مدير الدار أنه قد اقترح الأمر على مديرة الشؤون الاجتماعية، وبانتظار التباحث بالموضوع واتخاذ الإجراءات اللازمة.


عائلات تخلّت عن أطفالها
أسماء ووفاء طفلتان وجدتا في حديقة البطرنة في إحدى أيام الجمعة، منذ عدة أشهر، أكبرهما تبلغ من العمر ست سنوات، بينما الصغيرة لم تتجاوز الثانية، وعند سؤالهما عن والديهما، أجابت أسماء بأنَّ أمها متوفاة، وأنَّ أباها قد غادر منذ عدة ساعات ليجلب الطعام، ولم يأتِ حتى الآن، بقيت الفتاتان بانتظاره حتى المساء، وعندما لم يعد، قام من وجدهما بأخذ الإجراءات، حيث اصطحبهما إلى مخفر شرطة الشيخضاهر ومن هناك استلمهما الدار، ذاك السبت كان عطلة قضائية، يوم الأحد أصدر النائب العام قرار بوضعهما في دار الأيتام ريثما يُبت في حالتهما، تبين أنَّ الفتاتان لا تعرفان أي معلومات بإمكانها الدلالة على عائلتهما، فأمهما متوفاة، وهما لا يعلمان لقب عائلتهما، وبعد قيام إدارة الدار بالتقصي، وبذل مجهود كبير للوصول إلى عائلة الفتاتين، وإعلام أقاربهما بوجودهما في الدار، و بعد الصدّ والرد بين الإدارة والعائلة، اختفى أثر الأقارب وبقيت الفتاتان دون أوراق ثبوتية في الدار حتى اللحظة، وبالتالي لم تستطع إدارة الدار تسجيل الفتاة الكبرى في المدرسة.
الوجع واحد
زوّد مدير الدار دام برس بنبذة عن نشاطات الدار، وقد كان أكثرها تميزاً النشاط الذي قام به الدار بالتعاون مع بطريركية الروم الأرثوذوكس، حيث قام مجموعة من أطفال الدار بزيارة كبار السن في مأوى العجزة، ومن خلال هذه الزيارة تمَّ ولو جزئياً حسب رأي أسمر تعويض الأطفال كما كبار السن عن نقص العاطفة، خصوصاً أنَّ الطرفين يشعران بالإهمال من قبل أقرب الناس إليهم.
قانون ولكن
القانون السوري قانون يستند في معظم جوانبه إلى الشريعة الإسلامية، وتبين من خلال حديث دام برس مع مدير دار الأيتام أنَّ أيَّ إجراء يقوم به الدار يستوجب الحصول على موافقة السلطتين الدينية والمدنية، ممثلتين بالنائب العام، والقاضي الشرعي، ولذا فإنَّ التبني مازال إلى الآن ممنوعاً في البلاد، الإجراء الوحيد الشبيه به هو ما يدعى بالكفالة، حيث يبقى الطفل تحت رعاية الدار إلى أن يبلغ الرابعة عشر، وبعد رضى الطرفين، العائلة التي تريد أن تكفل الطفل ومن تبقى من عائلته الأصلية، ينتقل الطفل للعيش مع العائلة الكافلة، ولكن يبدو أنّه من الصعب حتى في هذه الحالة الحصول على قرار بالموافقة من قبل القاضي الشرعي.

رغم اهتمام إدارة الدار بأقل شاردة أو واردة، والانضباط الواضح والمفروض على الأطفال، تبقى هناك كثيرٌ من علامات الاستفهام، حول تفاصيل عديدة تدفع الباحث والمتقصي عن حال الأيتام في البلاد إلى الغُبن، غبنٌ يطالُ القانون، المؤسسات التي تُعنى بالأمر، والأهل الذين يستطيعون أن يتركوا أولادهم في مهب الريح، فكيف من المفروض أن يغطي دارٌ واحدٌ منطقة الساحل بالكامل وهو لا يستطيع استقبال أكثر من خمسين طفل؟ ولماذا لا يتم التخلي عن الكثير من الإجراءات القانونية والأوراق الرسمية المطلوبة علماً أنَّ كثيرين فقدوا ما يثبتُ هويتهم في ظروف خارجةً عن إرادتهم؟، والجدير بالذكر أنَّ معظم الأطفال الذين أتطلعت دام برس على قصصهم ليسوا يتامى بل فقط لا تستطيع عائلاتهم الاعتناء بهم، أو ببساطة تمَّ التخلي عنهم، فأين أيتام البلاد إذاً؟!
 

اقرأ أيضا ...
تعليقات حول الموضوع
  2019-03-26 18:55:00   هل استطيع ان اتبنى طفل من دار الايتام
هل استطيع تبني طفل
عمرحسين ايبو  
هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟
ملاحظة : جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا علاقة لموقع دام برس الإخباري بمحتواها
الاسم الكامل : *
المدينة :
عنوان التعليق : *
التعليق : *
*
   
دام برس : http://sia.gov.sy/
دام برس : https://www.facebook.com/Syrian.Ministry.Culture/

فيديو دام برس

الأرشيف
Copyright © dampress.net - All rights reserved 2024
Powered by Ten-neT.biz