Logo Dampress

آخر تحديث : الثلاثاء 16 نيسان 2024   الساعة 10:27:03
دام برس : http://alsham-univ.sy/
دام برس : http://www.
الحرف ذاكرة وطن .. وصناعة الجلديات حكاية تترجمها أنامل أبدعتها
دام برس : دام برس | الحرف ذاكرة وطن .. وصناعة الجلديات حكاية تترجمها أنامل أبدعتها

دام برس – لجين اسماعيل :
حرفة متوارثة .. جمعت بين الدقة والاحترافية .. و تميّزت بالشغف وعشق المهنة .. فكانت حكاية تترجمها  أنامل  .. قوية بإبداعها .. وجبارة باستمرارها  رغم دخول الآلة الحديثة إلى سوق العمل .. مهنة  الجلديات  صنعة  قديمة بحرفييها وصنّاعها .. تفنّنوا فازدادوا ألقاً و تألقاً .. و عبر سنوات طويلة ابتكروا وجددوا .. فكان التنوّع هدفهم و الاستمرار دون توقف عنوانهم  .. حرفيون عملوا على بقاء المهنة فكانوا شيوخ كار .. حافظوا على مهنتهم من الزوال .. طوّروا وابتكروا .. و الحرفي " شيخ كار" صناعة الجلديات بسام صيداوي تميّز بحرفيته .. و تفرّد في دقته .. فاستحق لقبه ... لنتابع :
الإنسان العربي مبدع .. يتأقلم مع ما تفرضه الطبيعة
عرف الإنسان العربي على مر العصور أنه  إنسان يسعى للابتكار والتطوير .. اتّخذ من الطبيعة أداة له فكان خلّاقاً مبدعاً .. و إذا عدنا للبدايات  نجد  أن الإنسان البدائي قد استخدم جلود الحيوانات التي كان يصطادها لستر جسده، بعد معرفته  تماسكها ومتانتها ، ومع الوقت اكتشف أن الجلود سريعة التفسخ والتفتت ، فعمل على تجفيفها قبل استخدامها للتقليل  من تفسخها .
صناعة الجلديات حرفة متأصلة في جذورها
لكل حرفة تاريخها .. وأصول عريقة تنتسب إليها .. حيث تتلخص أول طرائق دباغة الجلود عند بعض الأقوام القديمة بوضع طبقة من لحاء الشجر أو أوراقه أو الفواكه فوق الجلد الخام وإضافة الماء إليها، إلا أن  ذلك يستغرق مدة طويلة. إضافةً إلى العثور على بقايا ألبسة جلدية مخيطة في الكثير من مناطق آسيا وأوربة وهي تدل على أن الإنسان استخدم الجلود المدبوغة منذ نحو 30 ألف سنة.
كما تشير بعض الاكتشافات إلى أن المصريين القدماء استخدموا صنادل جلدية مدبوغة قبل 13 قرناً من الميلاد، وكذلك الحال في المشرق العربي وبلاد فارس ومنغولية القديمة والصين.
وتبين أن الجلود التي استخدمها المصريون القدماء كانت متينة جداً، واستخدمت الجلود كذلك للكتابة ولحفظ المخطوطات الثمينة كالكتب المقدسة ووثائق البحر الميت.
تنوّع استخدامات الجلود و تطوّرها
استخدم العرب الجلود في مختلف الأغراض فصنعوا منها الأحذية والأحزمة لربط رواحلهم وحزم متاعهم والسروج لركوبهم، واستخدموا جلود الأغنام المدبوغة فروة تبطن بها ثيابهم ، وأوعية لنقل الماء ولحفظ الألبان وتصنيعها ، ومع أن الألبسة الجلدية لم تستخدم على نطاق واسع في المنطقة العربية لكونها من البلاد الدافئة فقد برع العرب في الإفادة من منتجات الجلد كالصوف والشعر والوبر في صنع الملابس والخيام والحبال وغيرها.
وتطور استخدام الجلود المدبوغة في عصر الحضارة العربية الإسلامية وفي العصور الوسطى وبخاصة صناعة الأحذية والسروج والدروع وعُدَد الرواحل وحقائب السفر، وتجليد الكتب، لأنَّ الكتب ظلت من المقتنيات الثمينة جداً، ويعنى مقتنوها بالمحافظة عليها «بتجليدها». ومازالت المكتبات القديمة زاخرة بالكتب والمخطوطات المغلفة بالجلد وقد زين غلافها بزخارف دقيقة وغنية مطبوعة أو مطعمَة برقائق الذهب أو مطلية بألوان براقة.
الجلديات مهنة متوارثة
جميل أن نحافظ على تراثنا .. إلا أن الأجمل أن نتوارث مهنة ليكون لبقائها ووجودها معنى .. و في هذا فقد أكد شيخ الكار الحرفي بسام صيداوي على أهمية هذه المهنة لافتاً إلى قدمها الذي يعود إلى آلاف السنين .. توارثها عن الآباء والأجداد رغبة منه في الحفاظ عليها من الانقراض خاصة في ظل دخول الآلة .
تطوّر ملحوظ مع مرور الوقت
ليس الإبداع في أن تبقى المهنة مجرد حرفة يمتهنها البعض .. بل في تطورها وملاءمتها للتقدم و هنا أشار السيد صيداوي إلى أن بدايات صناعة الجلديات تعود للنعل " الشواريخي " كما يُطلق عليه ، ثم عمل على تطوير مهنته .. فصنّع الحقائب والأحزمة والاكسسوارات والبوفّات إضافة إلى السجاد .. مؤكّداً على الاستمرارية رغم  الصعوبات .. كما أشار إلى الآلية البديلة التي عملوا على اتباعها تفادياً لأي نقص .. فقد استبدلوا الخيطان النايلون بخيطان جلدية لضمان عمل الحرفي .. وأضاف : " الحرفي المبدع هو من استطاع أن يعمل عقله وتفكيره ويوظّفهما قبل يديه .
جلود الحيوانات مادة أساسية في صناعة الجلديات
لكل حرفة مادتها الأساسية التي تعتمد عليها .. وجلود الحيوانات هي تلك المادة الأساسية التي تعتمدها صناعة الجلديات .. حيث لفت صيداوي إلى استخدام جلود البقر والخاروف والأغنام والجِمال كأساسيات للصناعة .. مشيراً إلى أن هذا الجلد يختلف بسماكته بعد دباغته  بين 1 و 3 مم .. ولكل سماكة عملها الخاص الذي تتطلّبه .
المعارض الخارجية فرصتنا .. والداخلية منها للترفيه
تمثّل المعارض نافذة الحرفي للانطلاق والغوص في الأعمال الحرفية  .. وهنا أكّد صيداوي على مشاركته في الكثير من المعارض داخلياً وخارجياً .. منذ عام 1978 ، موضحاً أنها تشكل دعماً للحرفي ، وفرصة له للظهور .. ولفت أن المعارض الخارجية تأخذ فرصتها الاكبر في انجذاب الزوار إليها .. كما أن إنتاجها يحمل الأمل للحرفيين .. بينما المعارض الداخلية ليست إلا مجرد ترفيه مشيداً باستمرارها خاصة خلال سنوات الأزمة .
الصناعة اليدوية باقية
الصناعات اليدوية تشكل أصالة وعراقة الحضارة العربية .. لكن مع دخول الآلة والتطور التكنولوجي ربما ستؤثر  بشكل أو بآخر على الحرفيين .. وفي هذا عبّر عن إيمانه بالمهن اليدوية  بكلمات من عبق الشغف الذي يحمله لهذه المهنة فقال : الصناعة اليدوية باقية ولا تزال في أوجها .. مهما أحيطت بالآلات .. فالقطعة التي ساهمت فيها اليد العاملة يبقى وقعها خاصاً .. و زبونها حاضراً . 
وتبقى الحرف والمهن اليدوية التقليدية ذاكرة وطن متألقة .. واجبنا أن نحافظ عليها لأنها تمثّل الحضارة الإنسانية والتراث الذي طالما افتخرنا به .

تصوير : تغريد محمد 

 

اقرأ أيضا ...
هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟
ملاحظة : جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا علاقة لموقع دام برس الإخباري بمحتواها
الاسم الكامل : *
المدينة :
عنوان التعليق : *
التعليق : *
*
   
دام برس : http://sia.gov.sy/
دام برس : https://www.facebook.com/Syrian.Ministry.Culture/

فيديو دام برس

الأرشيف
Copyright © dampress.net - All rights reserved 2024
Powered by Ten-neT.biz