دام برس- ريتا قاجو :
حُسمت نتيجة الانتخابات الرئاسية في تونس أخيراً، فكان الفوز لصالح الباجي قايد السبسي، الذي نال نسبة 55% من أصوات الناخبين، مقابل 44% لخصمه الإخواني المنصف المرزوقي.
تونس الدولة العربية، التي اندلعت منها الشرارة الأولى لما سماه البعض "الربيع العربي" ، انتفضت في وجه حكم الإخوان وأسقطته، هذا الحكم الذي حول تونس إلى أكبر مصدّر للإرهاب، بعد أن كانت مصّدراً للعقول البناءة والحب والسلام، ناهيك عن السياسات الداخلية الإخوانية ، التي لم تجلب لتونس إلا المزيد من التراجع والتدهور على كافة المستويات.
مئات من الإرهابيين التونسيين يقاتلون في صفوف الجماعات المتشددة في سوريا منذ اندلاع الأزمة، وهو ما لا يرضي غالبية الشعب التونسي، الذي لم يستثني فرصة كي يعبر فيها عن وقوفه مع سوريا شعباً وجيشاً وقيادةً.
دام برس استطلعت عينة من آراء المواطنين التونسيين، عن رأيهم بنتيجة الانتخابات، وانعكاسها على العلاقة مع سوريا في عهد الرئيس الجديد، البداية كانت مع أيمن بدر الدين، الذي كان منذ البداية من أنصار السبسي، ويؤكد أن الشعب التونسي سعيد جداً بهذه النتيجة، التي أزاحت الإخوان المسلمين عن الحكم، بعد ثلاث سنوات، شهدت فيها تونس أسوأ ظروفها، مشيراً إلى ممارسات التخريب والحرق التي حصلت في بعض مناطق الجنوب التونسي من قبل أنصار المرزوقي، لكن الأجواء بمعظمها كانت إيجابية، وعن العلاقات مع سوريا يقول أيمن : " عودة العلاقات السورية التونسية كانت من أهم شعارات الحملة الانتخابية للسبسي منذ البداية، وكلمة أقولها للتاريخ ، لولا سوريا وقائدها بشار الأسد لما سقطت ورقة الإخوان في المنطقة".
أما أيمن منياوي، يؤكد لدام برس ، أن السياسات الخارجية الكارثية للمرزوقي، وعلى رأسها قطع العلاقات مع سوريا ودعم الإرهاب فيها، كانت أهم أسباب انتفاضة التونسيين في وجه الإخوان، وكذلك السياسة الداخلية للمرزوقي التي قامت منذ الأساس على مبدأ تقسيم التونسيين.
ويقول أيمن : " في الحقيقة أنا كنت من أنصار المرشح حمة الهمامي، ولكن مع وصول السبسي والمرزوقي للجولة النهائية، من الطبيعي ان أقف مع السبسي رغم وجود الكثير من الانتقادات والتحفظات عليه، إلا أنه أفضل لتونس من حكم الإخوان المسلمين".
جنينا شاكاز، مواطنة تونسية مغتربة في الخارج، ومن المغترب ، عبرت لنا عن فرحها بالنتيجة، فسقوط حكم الإخوان انتصار حقيقي للشعب التونسي، وعندما سألناها في البداية لمن أعطت صوتها ، اجابت جنينا بكل عفوية : " هل من أحد عاقل ينتخب مختل عقلياً مثل المرزوقي؟!"، وأكدت لنا أن إعادة العلاقات مع سوريا يجب أن يكون في قائمة أولويات الرئيس الجديد الذي وصفته بالإنسان "الديبلوماسي"، والقادر على إرجاع علاقات تونس الخارجية كما كانت عليه، وتختم كلامنا معها بالقول :" كل المحبة إلى سوريا وقائدها وشعبها" .
إذاً هناك إجماع تونسي على الرغبة الشديدة في عودة العلاقات مع سوريا، بعد ثلاث سنوات نأى بها المرزوقي تونس عن دورها الحضاري والإنساني تجاه قضايا المنطقة والعالم.
وبعد أربع سنوات من الحرب على سوريا، أدرك جميع السوريين ما يُحاك ضد بلدهم في السر والعلن، وانكشفت جميع الأوراق أمامهم، فالسوريون اليوم بمعظمهم ، يقدرون الموقف المشرف للشعب التونسي تجاه ما يحصل في سوريا، وأصبح هناك وعي سوري عام تجاه هذه النقطة ، فالتونسيون المقاتلون في صفوف الإرهابيين لا يمثلون تونس وشعبها بوطنيته وإنسانيته الكبيرة.
دام برس استطلعت أيضاً رأي المواطنين السوريين، عن الموضوع، وكانت البداية مع رهف القصار ، التي أكدت لنا أنها منذ اندلاع الأزمة في سوريا، ومشاركة إرهابيين تونسيين فيها، لم تتخذ موقفاً عدائياً ضد الشعب التونسي ، فتاريخه النضالي المشرف أرقى من هؤلاء الذين لا يمثلون إلا أنفسهم ، وتقول رهف : " نحن نعرف حقيقة الشعب التونسي، ونرجو أن تكون نتيجة هذه الانتخابات بداية صفحة جديدة مشرقة بين سوريا والشعب التونسي الحبيب، الذي له منا كل الاحترام والتقدير على مواقفه المشرفة".
أما طارق كساب، يرى أن السياسة لعبة مصالح وليس لعبة ثقة، ويقول : " للشعب التونسي كل الاحترام والتقدير، ونتمنى له كل الخير، ولكن نتمنى أن نرى خطوات حقيقية ملموسة من قبل الرئيس الجديد، فيما يخص العلاقة بين البلدين، نحن واثقون أنه لن يدعم الإرهاب، ولكن نتمنى أيضاً المزيد من المواقف على المستوى الإقليمي وعد الانحياز إلى المحور الآخر في المنطقة" .
لعلّ سقوط حكم الإخوان المسلمين في تونس ، كان الثورة الحقيقية ، في تاريخ هذا البلد الصغير مساحةً الكبير تاريخاً، جميع السوريين ورغم جراحهم الدامية، وما ذاقوه من مرارة الإرهاب، لا يتمنون لتونس وشعبها إلا الحب والسلام، وأن تعود العلاقات بين البلدين، وان تصدر لنا تونس الحبيبة رسائل الحب والسلام وليس السيوف ومجاهدي النكاح !
من سوريا إلى تونس مع كل الحب... ويستمر الأمل !