Logo Dampress

آخر تحديث : الجمعة 29 آذار 2024   الساعة 00:45:44
دام برس : http://alsham-univ.sy/
دام برس : http://www.
سوريون لاجئون .. من الموت إلى الموت
دام برس : دام برس | سوريون لاجئون .. من الموت إلى الموت

دام برس - خاص :

منذ الأذل ارتبطت كلمة قارب بكلمة "النجاة" .. إلا أن هذا الارتباط قد انفصم حينما التهبت نيران الحرب في سورية ، فصارت كلمة قارب تعني الهجرة والهروب، هروب من الدمار أو هروب من الموت، أو من الأوضاع الاقتصادية السيئة وربما كان الهروب من أحكام قضائية بحق بعض المسيئين لوطنهم.

ولكن كلمة قارب باتت اليوم مرتبطة بشكل وطيد بالموت، حتى أصبح مصطلح " قوارب الموت " إشارة معروفة جداً وتشير إلى القوارب التي تنقل السوريين إلى السواحل الأوروبية، أو هكذا هو الأمل الذي ينقلب بالغالب إلى مأساة ، لأن الكثير من هذه القوارب لا تنقل إلا الموت والحزن لعائلات المهاجرين على متنها، إذ  وبشكل إسبوعي يغرق عشرات السوريين، حيث سجّل الشهر الماضي وفاة 300 سوريّ مهاجر عبر البحر إلى السواحل الأوروبية، وذلك بحسب المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، والتي أعلنت بأن ضحايا الغرق من السوريين اللاجئين لهذا العام هو حوالي 1,900 شخص بينهم ما يقرب من 800 فقدوا حياتهم منذ الشهر السادس في العام الحالي وحتى نهاية الشهر الثامن.

وكخبر نقرأه في الصحف ينهيه البعض بالأسف والتأسّف على سوء حظ البشر الذين غرقوا، وينساه البعض ما أن يغلقوا الصحيفة أو الموقع الناقل للخبر ولكن للأمر وجه آخر ربما من المريح لقلوبنا ألا نفكر به، وهو الجانب العاطفي للأمر، تلك المآسي التي يعيشها السوريون قبل أن يتخذوا قرارهم بأن يلقوا بأنفسه في البحر بلا أي تأكيد أو إثبات على أنه سيرميهم على الشواطىء الأوروبية "أحياء"، والمآسي التي يواجهونها في عرض البحر، حين يفقدون الأمل بالنجاة، ومأساة الحنين الذي يُلهب قلوبهم لبلادهم ولأزقة ترعرعوا بها، ولوجوه حبيبه قد يطول الفراق بينهم وبينها،

آلاف الأفكار تخطر في بال أولئك المهاجرين، بعضهم يموت وتموت معه، وبعضهم ينجوا، ولكن التجربة المرعبة تمنعه حتى من الإفصاح عن كل تلك الهواجس منذ اتخاذ القرار وحتى لحظة النجاة على متن قارب خفر السواحل.

إلا أن الأمر لا يخلوا من بعض أولئك الذين قرروا أن يبوحو بتجربتهم القاسية، فمنهم من اعتذر من عائلته على هذه التجربة القاسية التي عرّضهم لها بالهجرة غير الشرعية إلى أوروبا عبر البحر، ومنهم من اتصل بصديقه على وشك البكاء لشدّة حنينه لوطنه وأهله

وهذا هو بالضبط مغزى هذه الكلمات.. السوريون الذين أضاعوا أحلامهم في عرض البحر

"احتالوا علينا"..

مهند الساطي ( 28 عام) والذي تواصلت معه دام برس  تحدث قائلاً :

 

بيوم 19/7/2014 وصلت إلى الأراضي الهولندية، وذلك بعد رحلة يمكن أن تسمى رحلة ابن بطوطة، حيث توجهت من سوريا إلى لبنان ومن هناك حجزت تذكرة طيران إلى تركيا، حيث بقيت هناك ما يقارب العام، عملت خلالها بعدة صناعات أو مهن، منها الخدمة في المطاعم، إلى أن استطعت تأمين المبلغ المطلوب لرحلة المجهول إلى أوروبا، بعد تأمين المبلغ بدأت أبحث عن مهرب موثوق حتى أبدأ رحلتي عن طريقه، وقد دلّني بعض المعارف إلى رجل يقال له أبو محمد وهو رجل سوري يمتهن التهريب منذ عام 2012.

 ويتابع مهند : تكلمت معه وشرح لي الكثير عن الرحلة ولكنه أخفى جزءاً بسيطاً لكنه مهم جداً وهو أن الرحلة غير مضمونة السلامة، إذا أظهر لي على خريطة الكترونية على جهازه المحمول تُظهر لي الطريق والدول التي سنعتبرها، وسائل النقل الآمنة التي تبيّن لي لاحقاً أنها أبعد ما تكون عن الآمنة، يتابع مهند : بدأت الرحلة صباح يوم الأحد بتاريخ 25/6/2014

وكان اول هدف لنا للوصول هي جزيرة قبرص، حيث كان بانتظارنا رجل يعمل مع أبو محمد، ولكن حدثت هناك مشاكل تتطلب وقتاً لسردها، ولكني سأختصر بالقول بأن السلطات القبرصية قد قامت بإعادتنا إلى الأراضي التركية لأن خفر السواحل قد رآنا ووصل إلينا قبل أن ينقلب القارب، وبعدها بحوالي اسبوع عاودنا المحاولة وكانت أيضاً عن طريق أبو محمد الذي بحسب قوله كارمني بالسعر لأن المرة الأولى لم ينجح وصولي، وبعد أن وصلت للجزيرة القبرصية، تم تسليمنا لشخص إسمه معاذ، حيث أشرف هو على نقلنا إلى ليبيا، وهذا ما لم أفهمه، ما ضرورة ذهابنا إلى قبرص إن كانت ليبيا هي وجهتنا ؟ ولكني اكتشفت متأخراً أن رحلة قبرص لم تكن إلا ليحتالوا علي وعلى الشباب الآخرين ليحصّلوا منّا مبالغ إضافية، ومكثت في ليبيا ثلاثة أيام في منطقة جرداء بخيمة لا تردّ برداً أو حرّ، وبعدها أخذتنا سيارة ليلاً إلى تونس، حيث مكثت أيضاً عدة أيام ومن بعدها تم نقلي ومن معي بقارب يمكن القول أنه متهالك حيث قام الرجل الذي يقوده بقلبه قبالة الساحل الهولندي حيث وجدت نفسي بالبحر وسبحت ومن معي إلى أن رآنا خفر السواحل وقَدِمَ إلينا.

"الهجرة خوفاً من قذائف الموت"..

 م. حناوي قال لدام برس :سابقاً لم يكن لدى الشباب السوري أي رغبة بالهجرة للخارج، فقبل الأزمة والحرب السورية كانت الضغوطات على المواطن السوري أخف بكثير من الآن سواء من حيث إيجاد المسكن و فرص العمل وحتى بالنسبة تكلفة المعيشة عموماً، أما اليوم توجد مخاوف عديدة على جميع الأصعدة.

وأضاف حناوي قائلاً لم يعد هناك فرص عمل في سورية فأغلب من كان يعمل سابقاً يجلس الآن عاطلاً عن العمل وأصحاب المشاريع الكبيرة أغلقوا مشاريعهم التجارية بسبب الأوضاع الأمنية الخطرة، هذا ما سبب حالة ركود اقتصادي في سورية، وهذا السبب الرئيسي الذي يدعو الشباب إلى الهجرة، وأنا أفكر جدياً بالهجرة على الرغم من امتلاكي بيت ومحل تجاري في سورية وذلك بسبب خوفي الدائم على عائلتي، ففي كل ساعة هم معرضون لخطر سقوط قذائف الهاون العشوائية.

"نجوت من الغرق بقدرة الله"..

سيف الدين حمو ذو (22 سنة)  تحدث عن تجربته المريرة قائلاً :

كل ما قاسيته إلى أن وصلت للقارب الذي سينقلني لأوروبا، ليس إلا لهو أطفال أمام ما قاسيته حين انقلب بنا القارب، كنت أظن أن الذين يغرقون ليس ممن تعلموا السباحة، ولكني كنتُ مخطئاً، لأني بقيت حوالي 15 دقيقة أحاول أن ابتعد عمّن حولي، لأن القارب كان يحمل قرابة 60 شخص، وعندما انقلب أصبحنا جميعاً نحاول الابتعاد عن بعضنا لنسبح بحرية، وكانت النتيجة أن الجميع بدأوا يسبحون بشكل عشوائي مما أدى إلى تضارب العديد من الأجساد، وقد أوشكت على الاختناق مرتين، ولكن الحمد لله نجوت، وأظن بأني نجوت لأن الله أراد ذلك، وليس لأن النجاة كانت ممكنة بوجود ذلك الكم الهائل من الأجساد المتخبّطة، والموج المرتفع الذي كانت يضربنا بقوة ثلاثة رجال أشداء.

"عرضت عائلتي للخطر وأشعر بالذنب"..

أيهم العمري (25 سنة) متزوج وله طفل واحد :

لو كنت أعلم أن تجربة عبور البحر قاسية بهذا الشكل لما عرّضت عائلتي للخطر، لم أعرف يوماً الرعب الذي عرفته وأنا وزوجتي نسبح وابني متمسّك بقوّة بظهري، لم يكن همّي أن أبقى حيّاً إلا لكي لا يغرق ابني، ولن أسامح نفسي ما حييت كلما تذكرت عينيّ زوجتي اللتين كانتا مملوئتين رعباً وجزعاً، أحسست وكأنها تقول لي : لقد أوقعت بنا. وإني حقاً آسف لجعلها وابني يخوضان هذه التجربة المريرة.

 "لا أريد الموت غرقاً"..

محمد. ر (22 سنة) قال :

لم أسافر ولن أسافر بتلك الطريقة المؤذية للإنسانية، لا أريد أن أموت غرقاً بالرغم من أن وطننا لا يريدنا أن نبقى فيه، ولكن أشدّ ما يؤلمني هو أن أخي أحمد قد قام بهذه المقامرة على الحياة، وقطع البحر إلى أوروبا حيث وصل إلى إيطاليا وتوجّه منها إلى ألمانيا، ويتابع محمد :

لقد اتصل بي البارحة وكان صوته ينمّ عن حزن شديد وقال لي : أعتقد بأني أخطئت بالسفر، حنيني لدمشق يقتلني، لست أقوى أنأمضي يوماً آخر بعيداً عنكم، (ويتابع محمد دامعاً) : ما الذي حصل للسوريين !!

الشعب الذي كان رمز الشموخ والكرامة، أهكذا يُصبح مشرداً بين الدول ؟

يا للعار .. لم أتوقع أن نصل إلى هذا اليوم.

"جواز سفر مزور ب11000$"..

وأما الشاب أمجد الحاوي فقال: في بعض الأحيان من الضروري لبعض الشبان اتخاذ قرار الهجرة و المجازفة فيوجد العديد من الشبان في سورية حياتهم شبيهة بالموت فهم ليس لديهم أي خيار آخر، وذلك بسبب قلة فرص العمل في سورية، وأما بعض الشبان الذين لديهم عمل أو مال، أنا برأيي الشخصي هم غير مضطرين للجوء لأي دولة فوجودهم في سورية عزة وكرامة لهم، فأغلب أصدقائي الذين هاجروا إلى أوربا يشتكون من الغربة وفراق الوطن وهم نادمون على هجرتهم.

وعن طرق الهجرة تحدث أمجد قائلاً: يوجد العديد من الطرق للهجرة فالفقير يهاجر بحراً بقوارب يكاد ينعدم الأمان فيها، وأما الغني فيشتري جواز سفر أوروبي مزور وتكلفة هذا الجواز تصل إلى 11000$ لكن ميزة هذه الطريقة أن المهاجر يسافر بالطائرة وبشكل آن للدولة التي اختار السفر إليها.

 وتبقى قضية المهاجرين غير الشرعيين إلى أوروبا غصّة في قلوب السوريين، فبالرغم من كل الاختلافات والآراء المتعارضة والمتضاربة، يبقى إبن سوريا يحمل سرّاً عجيباً في دمه، محبّة بلاده والغيرة عليها

وكان ذلك واضحاً لدى كل من حاورته دام برس، حيث ختم كل منهم قوله ( لعن الله من أوصلونا إلى هذه المرحلة من التعاسة، من خرّبوا بلدهم وشرّدوا إخوتهم).

ويبقى البحر حتى هذه اللحظة هو سيّد الموقف، فإما أن يترفّق بأبناء شعب قاسى كل أنواع الويلات، أو أن يتصرّف كعادته وجبروته، فيغرقهم ويبتلع مئات من أحلامهم بحياة كريمة لم يجدوها على أرض وطنهم.

تصوير اللقاءات : تغريد محمد

الوسوم (Tags)

سورية   ,   السوري   ,   الحرب   ,   البحر   ,   ليبيا   ,  

اقرأ أيضا ...
تعليقات حول الموضوع
  2014-09-02 16:09:42   الانهيار
عشرات الآلاف من الشباب الذين تطوعوا في خدمة الوطن وحاربوا الارهاب ومازالوا على الخطوط الاولى ينتظرون الموت وهم فقراء ولا يملكون شروى نقير والآلاف منهم سقطوا شهداء لم يتذمروا ويفكروا بالهروب اوبالذهاب الى اي مكان غير ارض سوريه
عاصم ابو الورد  
  2014-09-02 16:09:14   تطوعوا في الجيش
أنا لا أفهم لماذا يهرب هؤلاء من واجبهم المقدس بالدفاع عن الوطن فليذهبوا ويتطوعوا ويحصلوا على راتب ومعاش ولو قليل وزهيد لكنه مشبع بالكرامه أليس أفضل بألف مره من المغامره الفاشله للوصول الى اوروبا وفي افضل الاحوال ليبقى ملاحقا من قبل الشرطه والامن وليعمل بمهن حقيره لا يكفي ريعها لكي يأكل الخبز
سوري  
  2014-09-02 12:09:26   اللجوء إلى الأوهام
كل من يعتقد أن من يهاجر إلى أوربا هو يعيش بأوهام ولن تتحقق
سامر فحام  
هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟
ملاحظة : جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا علاقة لموقع دام برس الإخباري بمحتواها
الاسم الكامل : *
المدينة :
عنوان التعليق : *
التعليق : *
*
   
دام برس : http://sia.gov.sy/
دام برس : https://www.facebook.com/Syrian.Ministry.Culture/

فيديو دام برس

الأرشيف
Copyright © dampress.net - All rights reserved 2024
Powered by Ten-neT.biz