Logo Dampress

آخر تحديث : الجمعة 26 نيسان 2024   الساعة 17:26:36
دام برس : http://alsham-univ.sy/
دام برس : http://www.
بفعل الأزمة ... التسرب المدرسي يجتاح المجتمعات المهجرة ... ومواجهته تحتاج حلولا إبداعية في البسيط شمال اللاذقية

دام برس-خاص  بلال سليطين :

لطالما فاخرنا كسوريين بالتعليم المجاني في بلدنا ومحاربة الأمية لدرجة أصبحنا نعلن فيها عن محافظات خالية من الأمية (طرطوس نموذجاً)، لكن وما أن اندلعت الأزمة السورية حتى أصابت بنيرانها قطاع التربية والتعليم فدمِّرت المدارس ونهبت وأحرقت في بعض المناطق، واستهدف الطفل السوري مراراً وتكراراً لدرجة أصبحنا فيها مهددين بخسارة جيل كامل من الأطفال الذين هجروا واضطرتهم ظروفهم للابتعاد عن المدرسة خلال العامين الماضيين.

في ناحية رأس البسيط _ شمال غرب _ محافظة اللاذقية تستطيع أن تلمس نتائج استهداف العائلة السورية والطفل خصوصاً، حيث تجد الأطفال منتشرين على الشاطئ وفي الشوارع بعيداً عن مقاعد الدراسة التي حرموا منها منذ عامين عندما استهدف الإرهاب منازلهم وعائلاتهم والمدرسة التي لطالما اعتبروها بيتهم الثاني الذي تلقوا فيه العلم والمعرفة مما اضطرهم وعوائلهم للهرب من العنف في حلب وريفها باتجاه الساحل السوري بحثا عن الأمن والأمان.

هناك في البسيط يوجد حوالي /5000/ عائلة وفق إحصائيات شبه رسمية، تضم هذه العائلات وفق تقديرات محلية بين /2000/ إلى /2500/ طالب حوالي ثلثهم فقط يذهبون إلى المدرسة أو يتابعون دراستهم، على الرغم من مجانية التعليم في سورية ودعم الدولة له والحملات الوطنية التي أطلقت لإعادة الأطفال إلى مقاعد الدراسة.

ابتعاد هؤلاء الأطفال عن المدرسة مرده إلى مضاعفات الأزمة السورية وأثرها الديمغرافي، حيث لم تكن منطقة البسيط مهيئة لاستقبال كل هذه الأعداد من الطلبة الذين لا تتسع لهم المدارس مما يعني أن عليهم الذهاب إلى المناطق المجاورة لتلقي العلم في مدارسها، وهنا تكمن المشكلة بحسب ما تقول السيدة "فاطمة" وتوضح :«ليس لدينا القدرة على دفع مصاريف نقل الأطفال، ولا حتى على تأمين مستلزمات المدرسة، واقعنا المعيشي أصبح صعباً جداً بعد أن هجرنا الإرهاب من منازلنا وكانت النتيجة أن أطفالي لم يجلسوا على مقاعد الدراسة منذ حوالي عامين».

هناك رغبة كبيرة لدى الأهالي بإيجاد حل لهذه المشكلة، وهذه الرغبة تجدها أيضا لدى معظم الأطفال وتلمسها من خلال حديث بسيط معهم عن أيام المدرسة وذكرياتها التي يصفونها بالجميلة.

هؤلاء الأطفال الذين يمضون وقتهم في الشوارع وبين الأزقة محرومين من أبسط حقوقهم، وتضيع أيام عمرهم هباءً منثورا، وهم عرضة لعشرات المخاطر التي دفعت الاختصاصية في علم الاجتماع "إنصاف سليطين" لتوجيه العديد من التساؤلات قائلة:« من المؤكد أن الطفولة في سورية مستهدفة و بشكل مركز، لما يعنيه ذلك من استهداف للمستقبل، و ليس التهجير الذي تعرضت له الأسر السورية على يد الإرهاب وما تبعه من آثار على العملية التعليمية لأبناء أسرنا هذه إلا وجها من وجوه هذا الاستهداف الممنهج، و عليه فإن هذا الأمر ينطوي على خطورة بالغة، وقد وعته الجهات المجتمعية المعنية من مؤسسات رسمية و أهلية كالخطط و المناهج الملائمة التي وضعتها وزارة التربية و حملة حقي أتعلم التي أطلقتها الأمانة السورية للتنمية و غير ذلك من مبادرات تطوعية هنا أو هناك، و هذا يدلل على وعينا المجتمعي الكبير لحساسية هذه الظاهرة و العمل على معالجتها، إذا الأمر يحتاج إلى تكافل مجتمعي من كافة الجهات الرسمية و الأهلية و المجموعات الشبابية، فالتسرب المدرسي  لشريحة واسعة من الطلاب في هذه السن الحساسة بفعل الظروف القاهرة، يفرض علينا طرح عدة أسئلة ، اين يقضي أبناؤنا أوقاتهم التي يفترض أن تكون في استكمال عمليتهم التعليمية ؟ ما الذي يتلقونه و ما الذي يتعلمونه إذاً؟؟ سيما و أن ما يتعلمونه في هذا العمر يؤثر على شكل حياتهم المستقبلية ، و كيف يمكن أن نردم الهوة التي فتحت بين الطالب و بين المنهاج الدراسي بسبب انقطاعه عنه لفترات طويلة ؟؟ و غير ذلك من الأسئلة الهامة التي تحتاج إلى إجابة ، وتعزيز التكافل المجتمعي يسهم بشكل كبير في معالجة هذه الظاهرة ، إذاً نحن بحاجة إلى تفعيل الضمير و تحمل مسؤولياتنا كل من موقعه».

عند إجراء سبر معلومات بسيط لهؤلاء الأطفال يتبين تدني مستواهم المعرفي مقارنةً مع أعمارهم، نظراً لطول الفترة التي لم يتلقوا فيها العلم والمعرفة المرتبطة بالمدرسة، وبالتالي فإنهم بحاجة لإعادة تأهيل من الصف الأول لمن هم في مرحلة التعليم الأساسي، ومراجعة شاملة لمن هم في المراحل التعليمية الأخرى.

ما يعيشه الطفل السوري صفعة على وجه الضمير الإنساني، هكذا تقول اختصاصية علم النفس "نرمين الحداد"، وتضيف:«الحجر الأساس للحياة الاجتماعية والفردية يوضع في المدرسة وكل ما يتلقاه الطفل فيها يكون مساعداً على تقوية إرادته واستعداده للحياة و حتى في أسوأ الظروف تساعد المدرسة على منح الطفل الثقة اللازمة لمواجهة المستقبل فالأطفال  يتوقون إلى فرصة تحقيق أحلامهم فحين  نسألهم عما يريدون أن يكونوا حينما يكبرون يقولون نريد أن نصبح معلمين و أطباء و مهندسين ..... الخ  والمدرسة  بوابة اكتساب المهارات والقيم الضرورية لتحقيق تلك التطلعات و حلقة الوصل بين أسرة الطفل وبين مجتمعه الكبير».

بالإضافة إلى تعلم الطفل  مبادئ القراءة والكتابة والحساب في المدرسة يتعلم كيف يحب وكيف يعمل للنجاح، وكيف يقابل الفشل، ومن خلال الأنشطة المدرسية المختلفة تتكون الصداقات وينمو  تفكير الطفل، وَقدرته على حل المشكلات والصعوبات التي تعترضه في حياته اليومية.

 

تعلق "الحداد:«يؤدي ترك المدرسة إلى ازدياد معدل المشكلات السلوكية وانخفاض مستوى حل المشكلات عندهم، وقد يشعر الطفل بأنه شخص بلا قيمة، وعندما يفتقر الأطفال إلى العلاقات الاجتماعية التي تقدمها المدرسة،  يفتقرون إلى الثقة بالذات وتظهر لدى بعضهم الحساسية الزائدة ، والخجل ،كما يدرك كثير من الأطفال أنفسهم على أنهم فاشلين أو ليس لديهم ما لدى الأطفال الآخرين الذين يذهبون للمدرسة، ويفشل بعضهم أيضاً في المهارات المناسبة للمرحلة العمرية».

وتضيف "حداد":«ناهيك عن  وقت الفراغ الكبير  لدى الطفل نتيجة عدم  وجوده بالمدرسة، والبحث عما يملأ به هذا الفراغ وهذه فرصة كبيرة لجنوحه وقيامه بأعمال منحرفة».

يؤكد علم النفس أن للمدرسة دور كبير في تكوين شخصية الطفل وإعداده ورعاية نموه البدني والعقلي  والعاطفي والاجتماعي، وبالتالي فإن ابتعاده عن المدرسة يعتبر من أشد المخاطر التي تواجه مستقبله، لذا لابد من إيجاد حل لهذه المشكلة بالسرعة القصوى.

وإذا ما اتخذنا ناحية رأس البسيط مثالاً فإننا نجد الكثير من الطروحات في سبيل إعادة الأطفال إلى مقاعد الدراسة، قد يكون في مقدمتها محاولة الاستفادة من المدرسين المتواجدين بين المهجرين وهم بحد ذاتهم مهجرين (يوجد العديد منهم)، وتوظيف قدراتهم في خدمة هؤلاء الأطفال عن طريق إطلاق مبادرات في هذا الخصوص، واستثمار المباني الحكومية المتاحة (صالة الرابطة الفلاحية، الوحدة الإرشادية) بالإضافة إلى اعتماد مبدأ الدوامين في المدارس المتوفرة، وغير ذلك الكثير من الطروحات التي قد تخدم العملية التعليمية وتحد من التسرب المدرسي، ناهيك عن كم الفائض من المدرسين في محافظة اللاذقية.

لا شك أن الأزمة السورية هي بمثابة حرب حقيقية تستهدف البلد، ومواجهتها تحتاج إلى حلول إبداعية بعيدة كل البعد عن الروتين والبيروقراطية، والحكومة السورية لا تدخر جهداً في توفير احتياجات المواطنين وهي لوحدها وعلى الرغم من الحصار تقدم للمهجرين في الداخل أكثر بعشرات المرات مما يقدمه المجتمع الدولي عبر منظماته للمهجرين السوريين في الداخل وإذا ما أخذنا مخيم الزعتري مثالاً فإننا نلاحظ ومن خلال إحصائيات الأمم المتحدة بأن هناك أكثر من /26/ ألف طفل بعيدون كل البعد عن مقاعد الدراسة، لكن ذلك لا يمنع من أن تقوم مديرية تربية اللاذقية بواجبها بشكل أكبر من ذلك.

لقد استهدف الطفل السوري مراراً وتكراراً منذ 3 أعوام إلى الآن وعملية استهدافه ما تزال مستمرة ولا شيء يشير بأنها ستتوقف على اعتبار أن هذا الطفل هو مستقبل سورية الذي يريد الإرهاب تدميره، من خلال تطبيع الطفل بفكر دخيل على البيئة السوري، مما يحمِّل الجميع مسؤولية حماية هذا الطفل وتحصينه من هذا الهجوم الإرهابي وإعادته إلى مقاعد الدراسة علها تكون شخصيته السورية المتميزة.
 

اقرأ أيضا ...
هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟
ملاحظة : جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا علاقة لموقع دام برس الإخباري بمحتواها
الاسم الكامل : *
المدينة :
عنوان التعليق : *
التعليق : *
*
   
دام برس : http://sia.gov.sy/
دام برس : https://www.facebook.com/Syrian.Ministry.Culture/

فيديو دام برس

الأرشيف
Copyright © dampress.net - All rights reserved 2024
Powered by Ten-neT.biz