Logo Dampress

آخر تحديث : الجمعة 19 نيسان 2024   الساعة 17:04:37
دام برس : http://alsham-univ.sy/
دام برس : http://www.
المياومون ..تعب كثير.. ومدخول قليل .. والرزق على الله

دام برس- بتول ربيع :
الانتظار هو الذي يحكم صباح المياومين ففي حين يتوجه الموظفون و العاملون إلى وظائفهم و أعمالهم يبقى المياوم منتظراً قدوم من سيستأجر تعبه وعرقه. وإن سعادته بالحصول على مكان له بين العاملين الذين يختارهم من يرغب بالبناء أو ترحيل الأنقاض ماهي إلا بداية ليومٍ شاق بعملٍ شاق بساعات لا متناهية من الجهد ، و إن العمل الذي يراه البعض منهكا كاستقبال مراجعين أو الجلوس لعدة ساعات خلف المكاتب ما هي إلا راحة لا يحلم  المياوم بالحصول عليها.
هم مجموعات تعيش خارج الزمن، وصحة العامل وقوته البدنية هي رأسماله في أعمال الفاعل والبناء والمعمار ولو فقد جزءًا منها أو وهنت قليلاً فلا أحد يسأل عنه حيث لا تأمينات ولا معاشات ولا أيّ شيء آخر.
وترى في حالهم أن انطفأت شموع الأمل بعيونهم، وأصبحت تلمع باليأس والحسرة والألم… عمال سورية مازالوا يتألمون، يصرخون، يتنفسون وجعاً وبكل حواسهم يعانون، فهم لا يعرفون طعم الأمان منذ سنوات ولا يجدون جدوي في البوح بما يعانون، فناقوس صراخهم دق في مسامع كل المسئولين ولكن دون صدى.. عمال اليومية في سورية أكثر فئة انسانية مظلومة .. وهم يتوزّعون على مهن زراعية وصناعية كثيرة يخرجون صباح كل يوم صيفًا أو شتاءً ويتجمّعون في الميادين والساحات العامة وعلى نواصي المقاهي الكبرى ينتظرون بالساعات سؤال مقاول يحتاج بعض العمالة لمساعدته في عمل ما او رجل يحتاج بعض العمال لإنجاز مهمّة ما في منزله أو أحد يريد من ينقل له مفروشات بيته..
أجورهم اليومية لا تتجاوز 500 ليرة سورية، والمصيبة تكمن بأنهم قد يعملون يوماً و يبقون بلا عمل 4 أيام وربما أكثر ويبقى رزقهم على الله..
"مشاكلنا تشبه الزمن الصعب الذي نعيشه لا تحل .. ولا أحد ينظر فيها ويحاول التخفيف عنا بأيّ وسيلة، ظروفنا المادية تزداد سوءًا والمأساة تتفاقم يومًا بعد يوم والمعيشة يوم بيوم والحال على الله ".. هكذا أجمع العديد من عمال اليومية الذين التقتهم دام برس للتعرّف على مشاكلهم وأوضاعهم خصوصًا بعد الأزمة..

"الرزق على الله"
أبو محمد الذي أمضى 19 سنة من حياته في حمل ونقل البلوك إلى الأبنية التي تعمر حتى حفرت تلك الأحجار مكاناً لها في ظهره، روى لنا حكايته مع هذا العمل الشاق: ظروف عائلتي المادية لم تسمح لي بأن أكمل تعليمي سوى للصف التاسع فوالدي توفي تاركاً خلفه زوجةً وأربعة أولاد لا حول لهم ولا قوى، فكان علي أن أترك مدرستي لأعيل أمي وأخوتي الثلاث، وحينها بدأت بحثي الدؤوب عن عمل يكفي مردوده إطعام أمي وإخوتي بالإضافة إلى أجرة الغرفة التي كنا نقطنها، فلم أجد غير أن أعمل  بنقل البلوك حيث كنت أقف كل صباح في إحدى ساحات دمشق التي يتجمع بها العمال وكنت الأصغر سناً بينهم فلم يتجاوز عمري حينها 16 سنة هذا الأمر الذي منع الكثير من المقاولين من اختياري من بين العمال، لأنهم يفضلون عموماً  أن تكون أعمار العمال الذين ينتقوهم بين 20 و30 سنة
مما اضطرني أن أطلب في الكثير من الأحيان مبلغاً أقل من بقية العمال لكي يختاروني ..وبعد 19 عام من هذا العمل صحتي لم تعد تساعدني على هذا النوع من الأعمال بسبب آلام ظهري الكبيرة ،فبتُ عاطلاً عن العمل " وفي النهاية الرزق على الله"
" الشهادة العلمية لم تؤمن لنا حياة كريمة "
محمد كريٌم شاب خريج كلية الزراعة وعمره 25سنة يروي قصته مع الأعمال اليومية فيقول: لقد تخرجت من سنة ونصف من الجامعة و وبعد تخرجي بحثت كثيراً عن عمل بشهادتي الجامعية ولكني يئست من البحث بعدها فقررت أن أعمل بأي شيئ آخر، فذات يوم ذهبت لسوق الحميدية لأسأل تجار القماش إذا ما كان ينقص أحدهم شغيّل يعاونهم بالبيع فلم أجد سوى إجابة وحيدة رددها معظمهم "السوق داقر"، وبالفعل كان معهم كل الحق لأن الأزمة التي تمر بها سورية شلّت حركة الأسواق، ولكن أحد التجار  اقترح علي أن أعمل بنقل القماش بسوق الحميدية فأخبرني أن معظم التجار في هذا السوق يستعينون بالعتالة لهذا الأمر فهم بحاجة لمن ينقل لهم القماش من المستودعات إلى محلاتهم، فوافقت على الفور فليس لي خياراً آخر، وبعدها أصبحت أقف كل يوم في ذاك السوق منتظراً رزقي الشحيح.


"المياومة سببت لي عطباً في ظهري"
سامر الخضري شاب لم يناهز 25 سنة يروي لنا كيف تسببت مهنة العتالة عطباً بعاموده الفقري فقال: إني أعمل عتال بسوق الهال أحمل الكثير من الخضار وأكياس الطحين  على ظهري كل يوم وأتقاضى أجري بحسب كمية النقلة، بدأت مزاولة هذه المهنة بعمر 21 سنة وبعد أربعة سنوات من هذا العمل المضني  والمتعب بدأت أشعر بآلام مبرحة في أسفل ظهري ولم أعد أقوى حتى على المشي، فذهبت إلى الطبيب وبعد أن فحصني  سألني إن كنت أحمل أشياء ثقيلة أدت لتلك الآلام، فأجبته بالطبع فهذه هي طبيعة عملي فأنا أعمل عتال فقال لي أن نسبة 60 % من المرضى الذين يأتوه مصابين بمرض الديسك هم من عمال الفاعل والعتالة وطلب مني أن أتوجه إلى مركز للتصوير الشعاعي لأقوم بأخذ صورة رنين مغناطيسي لظهري وباليوم التالي ذهبت للطبيب وأعطيته الصورة الشعاعية فتفاجأ من الصورة لأني بحاجة إلى عملية ديسك على الفور، وأجريت العميلة بعد أن استدانت عائلتي تكاليفها من الأقارب، واليوم أنا عاجز عن القيام بأي عمل مجهد بسبب تلك الإصابة..
أمّا د.  أحمد مرعي وهو استشاري نفسي فيرى أن عمال اليومية يعبرون ضمن فئة المهمّشين اجتماعيًّا وإنسانيًّا وظروفهم سيّئة وأحوالهم لا تُرضي أحدًا وهم بالملايين مؤكدًا أن هذه الشريحة تعيش تحت خط الفقر، وأبنائهم غير متعلمين بحكم ظروفهم الصعبة وهم فئة مظلومة لأنهم ناس غير لصوص أو عاطلين لكنهم بين الاثنين يعملون ولا يعملون وتستطيع أن تحسبهم أحيانًا على العاملين وأحيانًا في خانة البطالة ولا بدّ من برامج اجتماعيّة واقتصاديّة وصحيّة لاستيعابهم.
ويبقى أولئك المياومون يرزحون تحت وطأة الحاجة وحقوقٍ منسية ليظل جهدهم وقوتهم الجسدية هي وسيلتهم الوحيدة ليعتاشوا  فإن غابت هذه القوة البدنية كان جوعهم هو الوسيلة المحتمة..
تصوير: تغريد محمد

اقرأ أيضا ...
تعليقات حول الموضوع
  0000-00-00 00:00:00   اللوم موجه للجميع
ليس فقط أهالي هؤلاء الأناس ملامون لأنهم لم يهتموا بتعليمهم بل أيضاً هناك لوم على الدولة لأنها لم تحتويهم بنقابات تحفظ لهم حقوقهم
بتول ربيع  
  0000-00-00 00:00:00   ظاهرة عالمية
هي ظاهرة عالمية ... طبقة اجتماعية موجودة بكل اصقاع العالم ... البلاد التي تحترم الانسان .. وقفت معهم حيث امنت للجميع تأمين ومساعدات اجتماعية وضمانات صحية ... طبقة لا غنى عنها بالمجتمع ... ولكن لاقيمة لمجهوتادهم بمجتمعنا ... هم نتاج تخلف اجتماعي وتعليمي نتج عنه هذه الشريحة من العمالة ... حل المشكلة يبدأ من وعي الدولة واحترامها للانسان وتأمين ضمان اجتماعي لهم
بسمة معن الدندشي  
  0000-00-00 00:00:00   احترام
الله يحميكن ويقويكن تعبكن غالي علينا
نجلاء حمو  
  0000-00-00 00:00:00   اذكياء
بسبب وضعهم المعيشي الغير مناسب يذهبون للعمل بدوام طويل وراتب قليل ولكن عقليا وثقافيا يكونون اكياء بشكل رهيب ولو سمحت لهم الفرصة لاكملوا دراستهم وفادوا الوطن
سامة بروا  
  0000-00-00 00:00:00   الله يحميكن
يستاهلون كل الاحترام والتقدير من كل الاشخاص فلولا وجودهم لحدث نقص كبير
ياسمين صافي  
  0000-00-00 00:00:00   اضرار
يجب ان يكون هنالك تعويض عن الدولة من اجلهم لان هذا العمل يسبب اضرار صحية رهيبة
عليا الصفدي  
  0000-00-00 00:00:00   الله يساعد ويعين
الله يعين هالعالم مابكفي رزقتون قليلة لأوكمان بيخسوا صحتون
محمد  
هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟
ملاحظة : جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا علاقة لموقع دام برس الإخباري بمحتواها
الاسم الكامل : *
المدينة :
عنوان التعليق : *
التعليق : *
*
   
دام برس : http://sia.gov.sy/
دام برس : https://www.facebook.com/Syrian.Ministry.Culture/

فيديو دام برس

الأرشيف
Copyright © dampress.net - All rights reserved 2024
Powered by Ten-neT.biz