دام برس :

صدرت ثلاثة كتب دفعة واحدة للباحثة الدكتورة عيدا زين الدين، عن "دار العلوم العربية".
الأول: "البحث في التاريخ"، وفيه تقدّم الباحثة – المجتهدة منهجاً لكل من يريد أن ينقب في التاريخ الذي رغم أنه يشارك العلوم الإنسانية والاجتماعية بالمادة الإنسانية، إلا أنه يتميز عنها بالنظرة إلى الزمن، ومعرفة الماضي، وتوجيه المستقبل.
تشير الدكتورة زين الدين إلى أن هذه النظرة توضّحت مع تزايد الإقبال على دراسة التاريخ، وبرزت حاجة كل مشتغل بالبحوث إلى معرفة الأصول والقواعد المتعارَف عليها في إجرائه، والتي تُعتبر حاجة مُلحّة في يومنا هذا، وهي أهمّ ما يلزم للبحث العلمي.
في كتاب الباحثة الجديد، ثمة منهج وخطة طريق، إن جاز التعبير، للطلاب والمهتمين الذين ينقّبون في عمق الماضي، لأن الغاية في البحث في التاريخ أن يدرك الباحث وهو يستقرئ المصادر والمراجع التاريخية، ويقوم بتحليلها، مدى الخطأ والصواب في ما يقرأ، وأن يفرّق بين التاريخ والحكاية، ولذلك برأي د. عيدا زين الدين لا بد من الاهتمام بتحليل الوقائع ودراسة الأسباب وصولاً إلى النتائج، لأن المؤرخ الذي لا يعني بذلك يتحول إلى مجرد راو للأحداث.
الكتاب الثاني بعنوان: "التاريخ.. وعلاقته بالعلوم الإنسانية والاجتماعية"، وفيه تحاول الباحثة والاستاذة الجامعية د. زين الدين الإجابة على مجمل التساؤلات المطروحة، من خلال المنهج العلمي الذي يعتبر أن صناعة التاريخ تقوم على البحث والتقصّي والتحليل، وإثبات الحقائق والتأليف بينها، وعلى تعليل الأسباب واستنباط النتائج، وتحتاج إلى معرفة ودراية عقلية ومعارف غزيرة، وإلمام متزايد لمختلف ضروب الثقافة الإنسانية، بهدف كشف الحقائق التي لها تأثير حاسم في تطور تاريخ الإنسانية، ووضعها في الإطار الصحيح.
أما الكتاب الثالث فهو تحت عنوان "الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية في مدينة القدس بين 1914 و1918 من خلال يوميات الفلسطينيين ومذكراتهم".
تتناول الباحثة في كتابها الذي يُعدّ حدثاً هاماً للتعريف بواقع وحياة المدينة المقدسة، التطورات الحاصلة في تلك الحقبة، من خلال يوميات أربعة فلسطينيين كتبوا يومياتهم، رغم صغر سنّهم في تلك المرحلة، وهم إذا لم يكونوا من صُنّاع القرار إلا أنهم كانوا شهوداً تناولوا ما عرفوه وشاهدوه ولمسوه.
بشكل عام، فإن الدراسة التي تضمّنها كتاب الدكتورة زين الدين تحاول فهم مسألة العلاقة التي تربط مدينة القدس بمنطقتها وبالداخل الفلسطيني، ما يسهم بشكل كبير في توضيح جوانب من تاريخ المدينة المقدسة بين عامي 1914 و1918، وتعطي صورة للتعريف بها، كما تقدّم تحليلاً اجتماعياً منهجياً يساهم في تعزيز الدراسات العلمية حول واقع المدينة العربية بشكل عام، ومدينة القدس بشكل خاص، في مرحلة زمنية بالغة الأهمية، كما تحرص على منطق تحري الوقائع، بما يكفل تقديم بحث علمي يسلط الضوء على مواضيع تهدف إلى انتاج المعرفة المحفزّة التي تساهم في مسيرة التقدم العلمي، وتقوم على البحث والتقصي والمراقبة والتحليل واستخدام الفرضيات.