دام برس - سهى سليمان :
ثامناً- أنواع الشائعات:
الشائعة من حيث أنها سلوك اجتماعي، تصدر عن دافع، وتهدف إلى غاية، وتسلك سبيلاً معيناً يحمل الطابع المميز للمجتمع في لحظة معينة. وبالتالي تتعدد أنواع الشائعات وفق أهدافها أو غاياتها أو محتواها، فقد تصنف وفق أهدافها أو دوافعها أو سرعة انتشارها. وتعلن الشائعات على الأغلب خيانات وشبهات وكوارث وفضائح وهزائم، وغالباً ما تنطوي على تعزيز الصفات السلبية، وبعض الشائعات تكون إيجابية كنشاطات بعض الفنانين الاجتماعية أو تعزيز صورة إيجابية لبعضهم من خلال صحفيين أو محطات إعلامية تدعمهم.
يميز الباحث "كناب" بين ثلاثة نماذج من الشائعات وفق محتوياتها: شائعة الرغبة، شائعة الخوف أو القلق، شائعة العدوان(1).
وفي تقسيم آخر تقدم نظرية "روز ناو Ros Now" مبادئ لتصنيف الشائعات وفق الآتي سرعة سريانها (الشائعة الغاطسة، المندفعة، الحابية)، أو وفق دوافع المتلقي وأمانيه (شائعات الخوف والكراهية والعدوان)، أو وفق الاختلاف والاتفاق مع معلومات المتلقي ومعتقداته، أووفق مدى عمومية الشائعة كالشائعات الشخصية أو المحلية أو القومية، أو وفق هدف الشائعة كالشائعات الدفاعية والهجومية(2).
أما الدكتور ساعد العرابي الحارثي (مستشار في وزارة الداخلية السعودية)، يشير إلى أن الشائعات تختلف في أنواعها بحسب محتواها، فهناك إشاعات الرعب (خاصة في الحرب)، وهناك إشاعات متعلقة بالأوبئة والأمراض ومدى انتشارها وحجم خطورتها وتخويف الناس منها. أو تلك المتعلقة بسوء سيرة شخص ما، إضافة إلى وجود نوع آخر يمكن تسميته بالشائعات الوردية أو الحالمة والتي تعكس رغبة الناس في تحقيق أمنية أو تقريب شيء بعيد المنال لهم.
كما يقدم د.الحارثي تقسيماً آخر لمثل هذه الإشاعات على أساس الهدف الذي يكمن من وراء نشر هذه الإشاعات، كإشاعات رصد ردود فعل الجماهير وقياس رأيهم العام.. وهناك إشاعات «سُحُب الدخان» أو «الخداع» وهي التي يتم توظيفها كستار من الدخان لإخفاء بعض النوايا لخداع العدو، إضافة إلى الإشاعات الهدامة أو ما يُسمى بـ «إشاعات دق الإسفين» والتي تعمل على مبدأ «فَرِّق تَسُد» التي تستخدمها دول الإمبريالية العالمية والصهيونية في محاولة منها لتمزيق الأمة العربية(3).
ويمكن تقسيم الشائعات وفقاً لبعدها الزمني ـ المكان ــ الموضوع ـ الأسلوب أو الشكل-والبواعث)(4).
فعلى أساس بعدها الزمني تنقسم الشائعات إلى ثلاثة أنواع:
أما الشائعات من حيث الأسلوب أو الوسيلة، فهي تعتمد إما على الأسلوب المباشر لترويج الشائعة، أي بشكل الرواية الكلامية، أو على الأسلوب غير المباشر كالنكتة أو الصورة أو الرسم الكاريكاتيري.
* الشائعات من حيث موضوعها، قد تكون شخصية تتعلق بشخص ما أو أشخاص معينين، بقصد النيل من سمعتهم وفقد أو إضعاف ثقة الناس بهم، أو أن تتعلق بجماعة معينة أو شعب معين أو أمة معينة.
* أما فيما يتعلق بالشائعات من حيث دوافعها أو بواعثها، فهناك ثلاثة دوافع أساسية في هذا الخصوص، إما أن تتضمن أموراً خيالية تعبر عن أحلام وتخيلات مروجيها، على أمل أن تصبح في وقت ما حقيقة واقعة (زيادة الأجور أو خفض الأسعار)، وإما أن تكون شائعات وهمية بهدف بثّ الخوف والرهبة في نفوس مستقبلها (كإشاعة أخبار عن القدرة العسكرية أو الصاروخية لبلد ما بهدف إيصال رسالة إلى العدو)، أما الصورة الأخرى من هذه الشائعات فهي التي تهدف إلى بثّ روح الكراهية وإحداث الفرقة والانفصال بين أفراد الجماعة الواحدة.
كما يمكن تقسيم الشائعات إلى شائعات تفسيرية، تصدر عن الناس الذين صدموا من حدث مروع ومفاجئ ويبحثون له عن تفسير، أو الشائعات التبريرية التي تصدر وتنتشر عن طريق مصادر رسمية ومحددة، عادة ما تكون تابعة للسلطات، حيث تنتشر منها إشاعات تهدف إلى السيطرة على الرأي العام، لتبرير قرارات أو إجراءات أو مواقف (كإجراء زيادة سعر المازوت خلال الفترة الماضية في سورية وقد بررت الحكومة ذلك الإجراء لمنع حدوث التهريب). والشائعات التدميرية التي تهدف إلى تشويه وتدمير الصورة المعنوية لشخص حقيقي أو معني خدمة لمصلحة الآخرين (كما تمّ ويتمّ الآن تشويه صورة السيد الرئيس بشار الأسد أو صورة الجيش العربي السوري). والشائعات العلاجية التي تستهدف رفع المعنويات العامة، ومعالجة الإحباط واليأس في نفوس الناس عبر تمرير أخبار وهمية ولكنها مرغوبة، خاصة تلك التي تتعلق بمعجزات دينية أو بالمال والصحة(6).
الهوامش والمصادر: