Logo Dampress

آخر تحديث : الجمعة 19 نيسان 2024   الساعة 22:16:33
دام برس : http://alsham-univ.sy/
دام برس : http://www.
زواج القاصرات .. شرعنة الاغتصاب

دام برس :

لم يغير الانفتاح الثقافي الذي يعم الكثير من المجتمعات العربية، بتبدل الحال بما يخص ظاهرة زواج القاصرات، حيث تعتبر تلك الظاهرة من أهم الملفات الاجتماعية الساخنة، التي لم تغب عن الواقع الاجتماعي العربي، وذلك بفعل العديد من القضايا التي شهدتها المحاكم من فتيات قاصرات يطلبن الطلاق.

هي حكاية للكثير من الفتيات، تختلف باختلاف الظروف والاسباب، لكن النتيجة واحدة، فالطفلة راما التي لم تتجاوز 15 عشر ربيعا, تحدثت لنا بعينين تحملان الحزن بكل معانيه، قائلة، " قصتي بدأت عندما كنت في الثانية عشر من عمري تزوجت أول مرة برجل غني هو صديق لوالدي بنفس عمره أو يكبره قليلا, رفضت كثيرا هذا الزواج, فانا لازلت طفلة صغيرة اريد البقاء في بيتنا الى جانب اخوتي, لكنه لم يستجب لي, بل بالعكس بدا بضربي واجبرني على الموافقة والرضا, تصمت راما، ويغيب المشهد .. بينما لارا التي ضاعت ملامح الطفولة من وجهها, بسبب ما تعرضت له تخبرنا بشفاه ترتجف "والدتي متوفية ولم اجد احد بجواري يدافع عني ويمنع ظلم ابي لي عندما زوجني لمن هو اكبر سناً مني بكثير, حجته كانت،  "العريس غني ورحت عيشي عيشة منيحة ورح ياخدك على كتير اماكن حلوة ويجبلك هدايا" في البداية وافقت وفرحت بالفساتين والهدايا، ولأنني صغيرة وسني لا يسمح بالزواج، قام ابي بتزوير شهادة ميلادي لإتمام هذا الزواج، وبالفعل بدأت حياتي الجديدة في أفخم الفنادق، استمر زواجي حوالي الشهرين بعدها اعادني الى والدي ودفع له المبلغ المتفق عليه وطلقني..

زواج القاصرات لا يعتبر ظاهرة بل موروثاً اجتماعياً في الكثير من المجتمعات ، وينتشر بنسبة عالية في بعضها،  نظراً لعدة أسباب من بينها أن الفتاة وهي في سن صغيرة يحرص أهلها على زواجها حتى لا تلقى مصير العنوسة، وحتى لا يطمع فيها الرجال طبقاً للعادات والتقاليد الريفية، بالإضافة إلى أن الأسر شديدة الفقر تزوج الفتاة بهدف تخفيف العبء المالي عن الأسرة، ففتيات كثيرات وقعن ضحايا الفقر، وعدم قدرة الاهل على تحمل مصاريفهم، فيرمون بهن الى التهلكة، تحت مبرر شرعي وهو الزواج المبكر، لان مستقبل الفتاة حسب رأيهم هو في منزل زوجها لا بدراستها ولا عملها، انما ببناء اسرة جديدة وتحمل للمسؤولية. هذا ما أكدته سونيا الحسن الاخصائية الاجتماعية والتي شرحت تلك الاسباب قائلة " هناك عدة أسباب تقف وراء الزواج المبكر للفتاة، منها ما هو اقتصادي كأن يسعى الأب لتزويج ابنته القاصر من رجل ثري؛ ليحصل على مهر ذي قيمة مرتفعة ليحسن من وضعه الاقتصادي، ويعد هذا أحد أساليب الاتجار بالنساء، وأشارت الحسن الى أنه " في الاونة الاخيرة بعض الاسر لا تعير اهمية لتعليم أولادها او بناتها ما اثر وبصورة سلبية على حياتهم الاجتماعية وحتى الاقتصادية حيث ان الاولاد او البنات الذين لا يكملون دراستهم العلمية في بعض مجالاتها وليس جميع مجالاتها يكونون فاقدين للوعي الفكري ويعانون من وجود ضعف مادي ومعنوي ما اثر في الزواج المبكر حيث ان الشاب عندما يتزوج في سن مبكرة وهو لم يكمل الثامنة عشرة فهذا يؤثر في حياته المادية والعلمية لكونه وبكل تأكيد لم يكمل حتى الدراسة الاعدادية وعليه فليس لديه اي وعي فكري او اجتماعي لبناء الاسرة المتكاملة وخاصة عندما تكون الزوجة تعاني من نفس المشاكل حيث انها قاصرة لم تكمل حتى السادسة عشرة وهي في مقتبل الحياة ولم تكمل الدراسة الابتدائية ففي هذه الحالة كيف تستطيع بناء اسرة متكاملة وتربية اجيال يطورون المجتمع وذلك بسبب قلة الوعي الحاصل بين الزوجة والزوج لصغر سنهم عند الزواج ما يؤدي الى حصول تفكك اسري سريع بعد الزواج"

والغريب انه في بعض المجتمعات الشرقية يكون زواج الفتاة في هذا السن، هو سفينة النجاة لها، لتخرج من ظلم الاباء والاخوة، ومن واقع التجاهل والتهميش لدورها، أي انها عندما تخرج الى بيت الزوجية لتأسس حياة جديدة ، برأيها، تستطيع ان تقود مركبا جديدا لتخرج من قوقعة من يعيشون على الهوامش، الى القيادة حسب رأي الشيخ حسام شعيب الذي شرح أن  " هناك كثير من المجتمعات همش دور الفتاة في هذا الزواج واعتبرها انها مجرد سلعة للتجارة  وجني المال من ورائها فالفتيات في هذا السن لا يستطعن  ابداء الرفض او الموافقة على تقرير مصريهن بسبب ولاية الاب او الاخ بهذا الموضوع حسب الشرع وبرأي الشيخ شعيب أن " الفتاة لا تملك زمام الامر لانها غير مؤهلة لا ثقافيا ولا اجتماعيا ولا اكاديميا وهنا اتحدث عن الفتاة القاصر حصرا فهي ليست مستقلة في معيشتها ,و للأسف في مجتمعنا وكذلك في الغرب  ينظرون الى المراة او البنت على انها سلعة وبالتالي المرأة في هذه المجتمعات تبقى رهن اشارة الاخرين".

في المقابل، هناك خلط بين مفهوم الزواج المبكر وبين زواج القاصرات في العالم العربي والإسلامي. إذا يطلق على زواج القاصرات اسم الزواج المبكر. والزواج المبكر في الإسلام مستحب ومبارك فيه وليس واجباً كما يود البعض أن يصوره. كما أنه من المعروف في الشرع الإسلامي أنه لا يحدد سناً معيناً للزواج، سواء للفتاة أو للشاب، بل تركه للعرف الاجتماعي والأدبي وفق مقتضى الحال والظروف التي يعايشها القوم أو المجتمع.  حيث وضح الشيخ شعيب الفرق بين الزواج المبكر وزواج القاصرات، مبين ان " بعض الاسر تعتمد على الزواج المبكر ليس من باب الازمة الاقتصادية، او التخلص من العار، وانما يتعلق ذلك بالتركيبة الاسرية،  اذ ان الدارج في هذه العائلة اما بسبب الوراثة او العادات، تزويج البنت مبكرا لرؤية ابنائها من باب ان مستقبلها في منزل زوجها"

ومن الجدير التنويه له أن فشل هذا النوع من الزواج، يرتبط ايضا بطبيعة هذا الزواج، بالاضافة الى أن السبب الاهم هو فسيولوجي واخر ادراكي، فالفتاة التي لا تصل لحد النضوج العقلي، ولا يتطابق سنها مع البلوغ البيولوجي و الفسيولوجي، لا يمكن ان تميز وتدرك و تستنتج و تستقرأ، الحياة الجديدة المقبلة عليها، لذلك يبقى هناك خلالاً عضوياً واضحاَ، يسرع في فشل هذا الزواج وعدم استمراره.

تحقيق : لمى الخطيب

اقرأ أيضا ...
هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟
ملاحظة : جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا علاقة لموقع دام برس الإخباري بمحتواها
الاسم الكامل : *
المدينة :
عنوان التعليق : *
التعليق : *
*
   
دام برس : http://sia.gov.sy/
دام برس : https://www.facebook.com/Syrian.Ministry.Culture/

فيديو دام برس

الأرشيف
Copyright © dampress.net - All rights reserved 2024
Powered by Ten-neT.biz